الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من تقديم حق الزوج على الوالدين

السؤال

كيف يكون حق الزوج أعظم من حق الوالدين وهما من ربيا وتعبا وهما من لحمها ودمها، أما الزوج فقد أخذها جاهزة كما نقول، لا أعترض على أحكام الله، ولكن أسأل لعل لله ذلك حكمة لا أعلمها، وأنتم تعلمونها...جزاكم الله خيرا....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تواترت نصوص الشريعة المطهرة واستفاضت أقوال أئمة الدين وعلماء الملة، بتقديم حق الزوج على ما سواه من الحقوق بما في ذلك حقوق الوالدين، فقد روى أحمد عن الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك. صححه الألباني.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.

وقال أيضاً: فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها، أو أمها، أو غير أبويها باتفاق الأئمة. انتهى.

فهذا هو حكم الله وحكم رسوله – صلى الله عليه وسلم – بتقديم حق الزوج على غيره من الحقوق، والواجب على المسلم أن ينقاد لأمر الله سبحانه ويستجيب له إذ ليس له الخيرة في ذلك، قال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36}.

ولكن لا ما نع أن يحاول الإنسان أن يتعرف على الحكمة من تشريع الحكم لأن الإنسان إذا تبينت له الحكمة فإن انقياده عادة يكون أكمل وأتم.

فنقول: هناك حكم كثيرة من تقديم حق الزوج على غيره وذلك أن المرأة تكون حياتها على طورين:

الطور الأول: ما قبل الزواج وفي هذه الفترة يكون حق الوالدين عليها هو أعظم الحقوق وخصوصا حق الأم.

الطور الثاني: بعد الزواج وحينئذ يكون حق الزوج أعظم من حق الوالدين، وهذا ما تقتضيه الحكمة وذلك لما يلي:

أولا: عندما كان الوالدان هما اللذين يبذلان ويعطيان الولد حقوقه من نفقة وكسوة وتربية وتعليم وغير ذلك كان حقهما أعظم، وبعد الزواج صار أمر الإنفاق والكسوة والإطعام والعلاج وغير ذلك على الزوج فكان حقه لذلك مقدما.

ثانيا: الزوج هو الذي يعطي لزوجته الإشباع المادي والعاطفي والجنسي ولا يفعل ذلك غيره، فكان جزاؤه تعظيم حقه على زوجته، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

ثالثا: أن الشرع حريص كل الحرص على حفظ كيان الأسرة وحمايتها من عوامل التفكك والانهيار، والزوجة ركن أساسي في تكوين الأسرة، والمرأة بطبعها عاطفية سريعة التأثر بمشاعرها فاقتضت حكمة اللطيف الخبير أن يجعل أعظم الحقوق عليها هو حق الزوج حتى تسارع في طاعته ومرضاته والانقياد له في غير معصية، ولا شك أن في هذا حفظا أيما حفظ لكيان الأسرة لأنه لن يكون أحد أحرص على الأسرة وعلى الأولاد وعلى الزوجة من الرجل الذي هو رب الأسرة، فوحد الشرع للزوجة جهة القيادة والطاعة - وذلك بتعظيم حق الزوج - حتى تكون سلما لزوجها ولا تقع ضحية لشركاء متشاكسين.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9218، 19419، 60819.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني