الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يلزم من وجود الأسباب وجود المسببات

السؤال

هل ممكن أن يأخذ الإنسان بالأسباب في عمل معين من أمور الدنيا بغض النظر عن كونه مسلما أو غير ذلك, ثم لا يحصل على النتيجة المنوطة بتلك الأسباب, فمثلا ممكن أن أقوم بدراسة مشروع وأقوم بتنفيذ هذا المشروع على أكمل صورة ثم يفشل، أو بمعنى آخر يقول الناس إنه من المُسلَّم به أن واحدا زائد واحد يساوي اثنان (1+1=2) هل هذا يصح في عقيدتنا أم أن واحدا زائد واحد يساوي ما شاء الله، قال لي أحد الإخوة إنه إن قمت بالأسباب على أكمل وجه ولم تحصل على النتيجة المطلوبة فيجب أن يكون هناك تقصير أو خطأ ما حدث في الأخذ بالأسباب و ألا يكون ذلك جحودا في حق الله لأنه هو سبحانه الذي تعبدنا بالأسباب, وأن ذلك في أمور الدنيا فقط أم الأمور الدينية كالهداية إلى الإسلام وغيره فالأمر لله وحده, فقلت له نحن نأخذ بالأسباب وندع النتائج على الله في كل الأمور الدينية والدنيوية، وقال لي إن الكافر أو المسلم إذا عملا نفس العمل سيحصلان على نفس النتيجة ولكن يؤجر المسلم على نيته الصالحة وهذا هو الفرق بينهما، وقال لي إن هذا من أبرز الخلافات بين مذهب الأشاعرة ومذهب أهل الحديث السلف الصالح, فالأشاعرة يقولون إن الله قائم على كل أمر بذاته وفي وقت حدوثه, وأهل الحديث يقولون إن الله أودع في الأشياء مهمتها منذ أن خلقها، فأرجو من فضيلتكم التوضيح في هذا الأمر وهذا اللبس الحاصل, أو إرشادي إلى مراجع موثوقة للعلماء الذين يتحدثون في هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حكمة الله تعالى أنه ربط الأسباب بمسبباتها ، ولكن لا يلزم من وجود الأسباب وجود المسببات فالأمر فيها ليس كالمثل الذي ذكرته، وهو ( 1+ 1 = 2) فقد يوجد مانع يمنع من حصول المسبب، فالنار تحرق ولكنها لم تحرق إبراهيم عليه السلام معجزة منه سبحانه لنبيه إبراهيم عليه السلام. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى وهو يتحدث عن الدعاء وكيف أنه سبب للإجابة: الدعاء فى اقتضائه الإجابة كسائر الأعمال الصالحة فى اقتضائها الإثابة، وكسائر الأسباب في اقتضائها المسببات. و من قال إن الدعاء علامة و دلالة محضة على حصول المطلوب المسئول ليس بسبب أو هو عبادة محضة لا أثر له في حصول المطلوب وجودا و لا عدما بل ما يحصل بالدعاء يحصل بدونه فهما قولان ضعيفان فإن الله علق الإجابة به تعليق المسبب بالسبب. انتهى.

وقال في موضع آخر: فالنار التى خلق الله فيها حرارة لا يحصل الإحراق إلا بها وبمحل يقبل الاحتراق، فاذا وقعت على السمندل والياقوت ونحوهما لم تحرقهما، وقد يطلى الجسم بما يمنع إحراقه ، والشمس التى يكون عنها الشعاع لابد من جسم يقبل انعكاس الشعاع عليه فاذا حصل حاجز من سحاب أو سقف لم يحصل الشعاع تحته. انتهى.

واعلم أن ربط المسببات بالأسباب ليس محصورا في الأمور الدنيوية فقط بل هو شامل للأمور الدينية، فإن للهداية أسبابها، وقد سبق أن بينا خطأ القول بنفي تأثير الأسباب على مسبباتها ، والقول بأن المسبب يوجد عند وجود السبب لا به فراجع الفتوى رقم: 33983.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني