الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أضواء على حديث: أمرت أن أقاتل الناس حتى...

السؤال

أرسلت إليكم سؤالا حول حديث أمرت أن أقاتل الناس برقم 2195753 والإشكال في السؤال هو: حول سبب ورود الحديث وهل المراد قتال جميع الناس في الكرة الأرضية أم المراد بالناس من هم في جزيرة العرب وقد أحلتموني إلى فتوى رقم 108689 وهي تتعلق بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب كما أحلتم إلى الفتوى رقم: 73832. حول انتشار الإسلام بحد السيف والفتوى رقم: 76362. حول هدف القتال . وكل ذلك لا يتعلق بالإشكال الذي أريد إزالته في فهم هذا الحديث فأرجو التكرم بموافاتي بالجواب المحدد عن معنى هذا الحديث النبوي الشريف. ولكم مني جزيل الشكر وصادق الدعاء .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر الطحاوي في شرح معاني الآثار سبب ورود هذا الحديث، فقد روي بإسناده عن النعمان بن عمرو بن أوس, أخبره أن أباه أوسا رضي الله عنه قال: إنا لقعود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة, وهو يقص علينا, ويذكرنا إذ أتاه رجل فساره, فقال: اذهبوا فاقتلوه. فلما ولى الرجل دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما تشهد أن لا إله إلا الله ؟ فقال الرجل : نعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فخلوا سبيله...ثم ذكر الحديث، والمراد بهذا الحديث قتال المشركين جميعا، ولا يلزم من هذا أن يطالب المسلمون بقتال المشركين جميعا في آن واحد، فقد لا يكون بالمسلمين طاقة بذلك، والشأن في هذا كالشأن في غيره من أمور التكليف في كونها منوطة بالقدرة.

قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ { التغابن: 16}. وقال سبحانه: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ {البقرة: 286}.

واعلم أن الإسلام ليس متشوفا إلى سفك الدماء، وإنما هو دين رحمة، جاء لتعبيد الناس لربهم، ولذا فمن أول ما يبدأ به قبل القتال دعوة الناس إلى الإسلام، وبذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قواده، فإذا دخل القوم في الدين أو هادنوا المسلمين أو عقدوا معهم صلحا، أو ارتضوا دفع الجزية كف المسلمون عن قتالهم ، وإذا عمل بعض الأعداء على الحيلولة بين الناس وبين سماع الحق قاتلهم المسلمون حتى يتركوا المسلمين يبلغون الخير إلى الناس، فليس القتال هدفا في حد ذاته، وإنما هو وسيلة، وليس استخدامه في قتال الناس جميعا، وإنما له استثناءاته وقيوده وضوابطه، ولا يلزم من القتال القتل، فإذا وجد ما يقتضي الكف عن القتال مما ذكرنا سابقا من أمور كالهدنة والصلح ونحو ذلك يقر الكافر على دينه ولا يقتل لكونه كافرا، ولا يجبر على الدخول في الإسلام، إذ لا إكراه في الدين، ولمزيد الفائدة نرجو أن تراجع الفتويين التاليتين: 76362 ، 44962.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني