الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأفضل زواج الرجل ممن تقاربه في المستوى المادي والاجتماعي

السؤال

أنا شاب مغربي من مدينة طنجة سؤالي هو: هل بإمكان شاب مسلم الزواج بمسلمة من عائلة ثرية أنعم الله عليها؟هل فقر الشاب يحرم الزواج؟ هل الغنى هو شرط من شروط الزواج في الإسلام؟ما العمل إذا رفض أب العروس بسبب فقر هذا الشاب؟هل الزواج رغم رفضه هو عصيان؟ شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالراجح من أقوال أهل العلم أن الكفاءة المعتبرة في الزواج إنما تكون بالخلق والدين فقط، ولا ينظر لشيء وراء هذا، لأنه لا تفاضل بين غني وفقير، ولا بين حر وعبد، ولا بين أبيض وأسود إلا بهما؛ لقوله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ {الحجرات:13} ولقوله تعالى: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10} ولقوله صلى الله عليه وسلم: كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب، لينتهين قوم يفتخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان. رواه البزار وصححه الألباني .

وهذا ما رجحه ابن القيم، فقال في زاد المعاد: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك. انتهى كلامه.

ولكن مع هذا نقول: نظرا لضعف الدين في هذه الأزمان فإنه ينصح الرجل ألا يتزوج بمن هي أعلى منه في أمور الدنيا سواء في الأمور المالية أو الاجتماعية؛ لأن ذلك ربما أدى في المستقبل إلى تعاليها أو تعالي أهلها عليه وانتقاصهم له، فلا تستقيم الحياة الزوجية حينئذ, وهذا واضح من التجارب والحالات التي حدث فيها زواج اختلت فيه الكفاءة، وليس هذا من باب الطبقية ولا من التعالي والاستكبار، وإنما هو تنظيم لحماية الأسرة من عدم الرضا بين أفرادها، ومن ضعف التلاحم بين أعضائها، وإن كنا لا نحرم حلالا ولا نقول إن هذا الزواج غير صحيح لكنا ننصح بالأولى .

فالأفضل لك أيها السائل أن تترك هذه الفتاة وأن تبحث عن أخرى تساويك أو تقاربك في المستوى المادي والاجتماعي، وأن تكون في المقام الأول صاحبة دين .

أما إذا كنت تحب هذه الفتاة وتعلق قلبك بها فلا مانع أن تذهب – بعد الاستخارة – إلى أهلها وتخطبها فإن وجدت ترحيبا وموافقة فاستعن بالله وأقدم، وإن وجدت غير ذلك، فاحسم أمرك واقطع هذه العلاقة، وربك قادر على أن يعوضك خيرا منها .

وأما بالنسبة لزواج الفقير عموما فإنا نفرق بين حالين، إما أن يكون فقيرا وهو مع ذلك قادر على أن يقوم بتكاليف النكاح من نفقة ومسكن وغير ذلك، فحينئذ لا حرج عليه في الزواج، بل هو أمر مرغب فيه شرعا، وأي ضرر على المرأة عندما تتزوج بفقير يوفر لها المطعم والملبس والمسكن؟ أما إذا كان فقيرا معدما لا يستطيع القيام بمؤن النكاح فلا يسن في حقه الزواج؛ بل نص بعض أهل العلم على أنه يمنع له.

قال الدردير في شرحه لمختصر الشيخ خليل المالكي عند كلامه على أحكام النكاح ما معناه: أن الراغب الذي يخشى العنت (الزنى) يندب الزواج في حقه ما لم يؤد إلى حرام فيحرم. قال الدسوقي شارحا لهذا الكلام: كأن يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو لعدم النفقة.

أما إذا رفض أبو الفتاة هذا الزواج فإنه لا يمكنك حينئذ الزواج منها لأنه لا نكاح إلا بولي؛ كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجود الولي في العقد شرط في صحته، إلا إذا ثبت كون الأب عاضلا لها فحينئذ لها أن ترفع أمرها للقضاء.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني