الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تشاجرت زوجته مع أمه فاستبد به الغضب فطلقها

السؤال

بعد شجار بين أمي (التى تزرونا حاليا في البلد التي نعيش فيها) وزوجتى وحينما حاولت مناقشة الأمر بينهما تطور الأمر إلى نزاع شديد وتشابك بالأيدى وسباب بيني وبين زوجتي مما أفقدنا شعوري وكنت فى حالة من الغضب الشديد وظلت زوجتي تصرخ وتق ل لي طلقني وتسبني مما أفقدنا شعوري تماماً وقلت لها أنت طالق عن غير إرادة مني أو حضور عقل حتى أني دفعت أمي دفعا شديداً وهي تحاول أن تحجز بيننا (كما أخبرتنا بعدما سكت عني الغضب) وقضمت أصبع زوجتي حتى تمزق اللحم ونزف دما ولما خرجت من الغرفة كان جسمي يرتعش وينتفض بشدة أتصبب عرقا ولما هدأت نفسي وسكت الغضب عني شعرت بالألم والندم لما حدث ولست أدري فهل يقع الطلاق أم لا، مع العلم بأني لم يكن لي إرادة فى الأمر، وأنا إنسان عقلاني وموضوعي وقد أغضب وأكون عصبيا أحيانا من زوجتي أما هي فعصبية ومتقلبة المزاج دائما وتطلب الطلاق فى كل شجار ونزاع ولم أكن أصل لمثل شدة الغضب وفقدان الشعور التي حدثت تلك المرة من قبل، أنا متزوج زوجتي منذ سبع سنوات ولى منها أربعة أولاد، أفتوني فهل يقع الطلاق أم لا وكيف أتعامل مع عصبية زوجتي وصراخها المستمر هل أعرضها على طبيب نفسي، أشهد الله أن ما رويت هو ما حدث وكما روت وأكدت أمي وزوجتي؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أوصى الشرع الزوجين بحسن العشرة، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب الغضب الذي يفقد الإنسان السيطرة على نفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال: لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب. رواه البخاري.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة من طلب الطلاق من غير ضرر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد في مسنده وصححه الألباني في الإرواء.

أما عن وقوع الطلاق فإن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا أن يصل الغضب إلى حد يفقد الإدراك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه الألباني في الإرواء. والإغلاق: كل ما يسد باب الإدراك والقصد والوعي، فإذا كنت وصلت إلى تلك الحالة فلا يقع طلاقك، ونوصيك بالتوبة إلى الله ومجاهدة نفسك لتجنب الغضب الذي حملك على ما فعلت في حق أمك من دفعها، فإن ذلك خطأ عظيم وكذلك ما كان منك في حق زوجتك ولا تعد إلى مثل ذلك أبداً، أما عن سرعة غضب زوجتك وكثرة طلبها للطلاق عند النزاع فعليك وعظها وتذكيرها بعواقب ذلك وضرره على دينها ونفسها، مع الاستعانة بالله والاجتهاد في تحصيل أسباب تقوية الصلة بالله كالصلاة والذكر والدعاء، مع البعد عن المعاصي الظاهرة والباطنة، وكثرة الدعاء، وعليك أن تبحث معها في أسباب ذلك ودوافعه، فإن كان له أسباب مقبولة من أمور تشتكي منها أو مطالب تريدها فعليك أن تزيل تلك الأسباب ما دام ذلك في إطار الشرع وحدود طاقتك، فإن لم يجد ذلك فلا مانع من عرضها على طبيب نفسي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني