الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب الزكاة في المكافأة التي يستفيدها الموظف

السؤال

أنا موظف براتب شهري محدد, أخرج زكاة المال في 1 رمضان من كل عام والحمد لله، استلمت مكافأة مالية من العمل قبل رمضان بأسبوعين, هل أخرج الزكاة عن المكافأة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهب جمهور أهل العلم وهو الذي نفتي به أنه لا زكاة عليك في هذه المكافأة حتى يحول عليها الحول إذ هذه المكافأة التي تسلمتها من العمل حكمها حكم المال المستفاد إذا كان غير نماء الأصل ، وفيه قولانِ معروفان للعلماء، فمذهبُ أبي حنيفة رحمه الله أنه يضمُ إلى الأصلِ ما كان من جنسه من المال ويزكى بزكاته، ومذهب الجمهور أنه لا تجبُ زكاته حتى يحول عليه الحول، ومذهب الجمهور هو الصحيح لعموم حديث: لا زكاةَ في مالٍ حتى يحول عليه الحول. حسنه ابن القيم في تهذيب السنن وصححه الألباني في الإرواء.

قال ابن عبد البر في الاستذكار: وعليه جماعة الفقهاء قديماً وحديثاً، لا يختلفون فيه، أنه لا تجب في مال من العين ولا في ماشية زكاة حتى يحول عليه الحول إلا ما روي عن ابن عباس وعن معاوية.

قال الشيرازي: ولا تجب الزكاة فيه أي المال المستفاد حتى يحول عليه الحول لأنه روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وهو مذهب فقهاء المدينة وعلماء الأمصار ولأنه لا يتكامل نماؤه قبل الحول فلا تجب فيه الزكاة. انتهى.

وأما إذا كان المال المستفاد من نماء الأصل كربح التجارة ونتاج السائمة، فزكاته واجبةٌ مع أصله إجماعاً، وقد أبدع ابن قدامة في بيان أقسام المال المستفاد بعبارةٍ سهلة فقال رحمه الله: فإن استفاد مالاً مما يعتبر له الحول، ولا مال له سواه، وكان نصاباً، أوكان له مال من جنسه لا يبلغ نصاباً، فبلغ بالمستفاد نصاباً، انعقد عليه حول الزكاة من حينئذ، فإذا تم حول وجبت الزكاة فيه.

وإن كان عنده نصاب لم يخل المستفاد من ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون المستفاد من نمائه كربح مال التجارة، ونتاج السائمة، فهذا يجب ضمه إلى ما عنده من أصله، فيعتبر حول بحوله، لا نعلم فيه خلافاً، لأنه تبع له من جنسه، فأشبه النماء المتصل، وهو زيادة قيمة عروض التجارة. الثاني: أن يكون المستفاد من غير جنس ما عنده، فهذا له حكم نفسه، لا يضم إلى ما عنده في حول ولا نصاب، بل إن كان نصاباً استقبل به حولاً وزكاة، وإلا فلا شيء فيه، وهذا قول جمهور العلماء.. الثالث: أن يستفيد مالاً من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول الزكاة بسبب مستقل، مثل أن يكون أربعون من الغنم مضى عليها بعض حول، فيشتري أويتهب مائة، فهذا لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي عليه الحول.

هذا وإذا شئت أن تزكيها مع أصل المال فلا بأس، فتعجيلُ الزكاة في أثناء الحول جائزٌ في قول الجمهور وللمزيد انظر الفتوى رقم: 46287، والفتوى رقم: 582.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني