الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدية والكفارة إذا كان المقتول خطأ نصرانيا

السؤال

أنا مسلم مقيم في اسبانيا وقعت معي حادثة سير مات من جرائها شخصان نصرانيان مع العلم أن الخطأ لم يكن مني فهل يجب علي صيام شهرين عن كل منهما أم شهرين عن كليهما أم الدية أو لايجب علي شيء باعتبار أنهما نصرانيان. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الخطأ ليس منك بمعنى أنك تقيدت بقوانين السير واتخذت إجراءات السلامة فلم تزد على السرعة المحددة وسرت في الاتجاه الذي يحق لك وحافظت على صيانة السيارة ونحو ذلك فلا دية عليك ولا كفارة.

وإن كنت أنت المخطئ فعليك ديتان عن الشخصين المذكورين، وإذا كانا نصرانيين فدية كل منهما نصف دية الحر المسلم وهي خمسون من الإبل أو قيمتها عند المالكية والحنابلة، وعند الحنفية فيه دية كاملة، وقال الشافعي فيه ثلث دية المسلم.

ففي الموسوعة الفقهية: دية الكتابي نصف دية المسلم عند مالك وأحمد، والمرأة منهم على النصف من ذلك، وعند الشافعية دية الكتابي ثلث دية المسلم، ودية المرأة نصف ذلك، وعند الحنفية ديته كدية المسلم. انتهى.

وفي دقائق أولي النهى ممزوجا بمنتهى الإرادات: ودية كتابي أي: يهودي أو نصراني ومن تدين بالتوراة والإنجيل حر ذمي أو معاهد أي: مهادن أو مستأمن نصف دية حر مسلم لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا دية المعاهد نصف دية المسلم. وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين رواه أحمد قال الخطابي: ليس في دية أهل الكتاب شيء أبين من هذا ولا بأس بإسناده. انتهى.

وأما الكفارة فتلزم عن كل منهما عند أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغنى متحدثا عن كفارة القتل: وتجب بقتل الكافر المضمون، سواء كان ذميا أو مستأمنا. وبهذا قال أكثر أهل العلم. وقال الحسن، ومالك: لا كفارة فيه ; لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ. فمفهومه أن لا كفارة في غير المؤمن. ولنا قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ . والذمي له ميثاق، وهذا منطوق يقدم على دليل الخطاب، ولأنه آدمي مقتول ظلما، فوجبت الكفارة بقتله، كالمسلم. انتهى

وأنواع كفارة القتل الخطأ قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 5914.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني