الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم من أخرج زكاة ماله لسنوات بغير حساب دقيق

السؤال

لم أكن أحسب زكاة المال بشكل دقيق وكنت أخرج من مالي المدخر ما أظنه القدر الذي تستحق عنه الزكاة ولم يكن ذلك بشكل منتظم أيضا وذلك طوال حياتي، العملية منذ تخرجت من الجامعة وحتى....، فهل هناك طريقة أصحح بها هذا، علما بأنني لا أتذكر قيمة المبالغ المدخرة في الماضى حيث إنني كنت أدخر وأصرف على أوجه عديدة ولا أتذكر تحديداً كم حصلت طوال هذه السنوات مما مر عليه حول أو لم يمر، علما بأن مصدر دخلي الوحيد هو راتبي، ماذا أفعل لتصحيح هذا الوضع الآن وكيف أدفع ما مضى علي من زكاة مستحقة وأنا لا أعرف مقدارها على وجه الدقة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعليك أخي الفاضل أن تتوب إلى الله عز وجل من تهاونك في حساب الزكاة وأدائها على وجهها الذي شرعه الله، وعليك كذلك أن تتحرى في الحساب حتى يغلب على ظنك أنك أبرأت ذمتك مما وجب عليك من حق، فتنظر الوقت الذي بلغ مالك فيه نصاباً، وإذا لم يكن لك دخل غير راتبك فالحساب سيكون يسيراً، فعليك أن تنظر في هذا الراتب وما كنت تدخره منه، وما كنت تنفقه بغلبة الظن فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ثم تجمع ذلك بعضه إلى بعض وتخصم القدر المنفق من القدر المدخر، وعليك زكاة ما فضل وهي (2.5%) إن لم يكن المال قد نقص عن النصاب في أثناء هذه السنين، ثم تحسب بعد ذلك ما أخرجته من مال بنية الزكاة فإذا بلغ مجموعه القدر الواجب عليك فقد برئت ذمتك، وإن كان أكثر فالزائد صدقة، وإن كان أقل فأخرج من مالك ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة الذمة، والنصاب إن حال عليه أكثر من حول وجب إخراج الزكاة عن كل سنة من السنوات الماضية، وإن كان راتبك ينزل في حساب مصرفي وتدخره فيه فالأمر أسهل لأنه بإمكانك أن تطلب كشفاً بحركة الحساب لسنوات.

وفي جواب للشيخ العثيمين عن مسألة شبيهة بمسألتك قال رحمه الله: الزكاة عبادة لله عز وجل وحق للفقراء، فإذا منعها الإنسان كان منتهكاً لحقين: حق الله، وحق الفقراء وغيرهم من أهل الزكاة، فإذا تاب بعد خمس سنوات -كما جاء في السؤال- سقط عنه حق الله عز وجل، لأن الله تعالى قال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. ويبقى الحق الثاني وهو حق المستحقين للزكاة من الفقراء وغيرهم، فيجب عليه تسليم الزكاة لهؤلاء وربما ينال ثواب الزكاة مع صحة التوبة، لأن فضل الله واسع.

أما تقدير الزكاة فليتحر ما هو مقدار الزكاة بقدر ما يستطيع ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فعشرة آلاف مثلاً زكاتها في السنة كم؟ مائتان وخمسون، فإذا كان مقدار الزكاة مائتين وخمسين فليخرج مائتين وخمسين عن السنوات الماضية عن كل سنة إلا إذا كان في بعض السنوات قد زاد عن العشرة فليخرج مقدار هذه الزيادة، وإن نقص في بعض السنوات سقطت عنه زكاة النقص. من أسئلة الباب المفتوح. انتهى.

وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 44533.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني