الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدين يرد بمثله غلت العملة أو رخصت.

السؤال

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {هود:88}.
عنوان الفكرة : لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ " كان الدينار من الذهب والدرهم من الفضة وهما أساس العملة وقيمتهما ثابتة تقريبا . العملات الورقية قيمتها في النازل وليست أساسية ويسمونها التضخم . 2- عندما نحدد نصاب زكاة العملات الورقيه نجد أننا نرجع إلى الذهب كذا جم أو الفضة كذا جم لماذا لعدم ثبات قيمة العملات الورقية وما هي إلا وسيط في التعاملات اليومية وليست بالأساسية . 3- تعطي البنوك فائدة ثابتة وهذه الفائدة :- إما أن تكون مساوية لقيمة التضخم وهنا لا مكسب ولا خسارة بالنسبة لصاحب رأس المال. وإما أن تكون الفائدة أكبر من قيمة التضخم وهنا يكون المكسب بالنسبة لصاحب رأس المال يساوي قيمة الفائدة مطروحا منها قيمة التضخم . وإما أن تكون الفائدة أصغر من قيمة التضخم وهنا تكون الخسارة بالنسبة لصاحب رأس المال تساوي قيمة التضخم مطروحا منها قيمة الفائدة وبالرغم من الفائدة الظاهرية الا أن النتيجة خسارة بالنسبة لصاحب رأس المال . 4- هل من الممكن في القرض الحسن أن يكون الذهب أساس بمعنى أنني أقرض مثلا مبلغا يساوي جنيه وربع ذهب لأجل مسمى وعندما يرد لي يرد مبلغا يساوي جنيه وربع ذهب دون زيادة أو نقصان فبالرغم من وجود زيادة ظاهرية فى عدد العملة الورقية إلا أن القيمة الحقيقية ليس فيها زيادة . 5- رؤوس الأموال:- يقول الله تعالى :- َإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة : 279}. رجل وضع مبلغا من المال في بنك ربوي مثلا 20 ألف جنيه وبعد عشرة أعوام أصبح 55 ألف جنيه وأراد أن يتوب ويأخذ رأس ماله فقط "لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ " منذ عشر سنوات عندما وضع الرجل المال في البنك كان مبلغ 20 ألف يشترى 20 جنيه ذهبا والآن يحتاج إلى 50 ألف جنيه ليشتري نفس 20 جنيه ذهبا ولو أخذ 20 ألف جنيه فقط لن يستطيع شراء أكثر من 8 جنيهات ذهبا وقس على ذلك فارق أسعار جميع السلع خلال عشر سنوات. فأين: لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ. . والخلاصة ما هو الحل في الشرع الحنيف لمسألة التضخم وعدم ثبات العملات الورقية غير الأساسية والتي تنزل قيمتها باستمرار . نرجو التكرم بالنظر والتوضيح . وما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان . أخوكم الراغب في عفو الله ومغفرته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العملات الورقية نقد قائم بنفسه وتلحق بالذهب والفضة في أحكام الربا والزكاة ونحو ذلك لأنها صارت ثمنا للأشياء وبدلا من المتلفات، وأما الحكم فيمن استدان مبلغا من هذه العملات فالذي يجب عليه أن يرد مثلها لما تقرر أن الدين يرد بمثله غلت العملة أو رخصت.

جاء من بدائع الصنائع : ولكنها إذا رخصت أو غلت فعليه رد مثل ما قبض بلا خلاف لما ذكرنا أن صفة الثمينة باقية.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: لا يجوز شرعا الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي: الربط بمؤشر تكاليف المعيشة أو غيره من المؤشرات ، الربط بالذهب والفضة ، الربط بعملة أخرى، الربط بسعر الفائدة. انتهى.

وذكر المجمع في حيثيات القرار أن الربط بهذه الأشياء يؤدي إلى غرر وجهالة له بحيث لا يعرف كل طرف ماله وما عليه، ويؤدي إلى عدم التماثل بين ما في الذمه وما يطلب أداؤه، وهذا كله يؤدي إلى الظلم والتنازع والاختلاف.

وبالنسبة لمسألة التضخم وعلاجها والشبه التي نتجت عنها فيمكن مراجعة ذلك في كتاب موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للدكتور السالوس.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 99163 والفتوى رقم: 97115.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني