الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى مسئولية الطبيب عن الجراحة التجميلية التي ترتب عليها تشويه

السؤال

منذ عامين تقريبا ذهبت لدكتور أنف وأذن لتعديل اعوجاج حدث فى أنفى ومضى عليه أعوام خمسة وشرحت له ما حدث فكان يقصم جملى وينهى سردي بخلاص خلاص فظننته فهم ما أريد وما حدث وحدد لى موعدا لعملية وبعدها وجدته في عصبية زائدة ويعبث في أنفي بأدواته ثانيا وطلب مني الحضور بعد أيام فأجري لي جراحة أخرى دون أن يخبرني وفوجئت بعد الجراحة بتغير كامل في شكل الأنف أفقدني وسامتي عشت بعدها كثيرا في وجوم واضطراب ويأس وقنوط وخوف ولامبالاة أفكر في القدر وخطئي وما اقترفته من خطأ مع الطبيب. لم يطلب أشعه أو ما شابه أفتونا مأجورين هل علي من ذنب في تغيير خلق الله الذي حدث. فمازال التفكير يفتك بى. أم أقاضيه رغم الوقت ورغم أنه أنكرني بعد ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في عمليات التجميل التي تغير في خلقة الإنسان التي خلقه الله عليها المنع، ولا تجوز إلا في الحالات العلاجية، وحالات إزالة العيب والتشوه المشين، وأن من فعل ذلك لغير ضرورة شرعية أو حاجة معتبرة فقد ارتكب إثما، ولكن لا يلزمه كفارة سوى التوبة الصادقة. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 1509 ، 1007 .

والجراحة الأولى التي كانت بغرض تقويم اعوجاج حادث في الأنف فإن كانت لإزالة تشوه طارئ أو كان عدم إجرائها تترتب عليه أضرار بالجيوب الأنفية أو مشاكل في التنفس فهي من النوع الجائز؛ حيث لم يخرج القصد بها عن إزالة ضرر أو ألم أو عيب خلقي مشين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 17718.

وأما الجراحة الثانية التي غيرت شكل الأنف دون مسوغ شرعي، فهي من النوع المحرم؛ لدخوله في تغيير خلق الله.

ولكن الظاهر من السؤال أن السائل لم يكن يقصد هذا، وكون الطبيب لم يحسن الفهم، وصاحب السؤال لم يحسن بيان مراده، فهذا يرفع الحرج عن صاحب السؤال من ناحية تغيير خلق الله؛ لأنه لم يرد إجراء عملية تجميلية لأنفه، كما فعل الطبيب، وقد قال الله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

ولكن يبقى أن السائل كان بإمكانه التوقف مع هذا الطبيب حتى يستعلمه عن الغرض من الجراحة وما يترتب عليها من آثار، وإلا استبدل به طبيبا آخر، وفي هذا نوع تقصير، ينبغي أن يستغفر الله تعالى منه: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً. {سورة النساء: 110}.

وأما بالنسبة للطبيب فلك أن تقاضيه، لأنه قام بهذه الجراحة الثانية دون إعلامك بغرضها وما يترتب عليها، فهي في الحقيقة بغير إذن صريح منك، مع تقصيره الواضح في تفهم مرادك وشكواك، ولذلك فهو ضامن لما حدث؛ لأنه فعل أمرا غير مأذون له فيه، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 5852. وراجع في ذلك لتمام الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5178 ، 50129 ، 18906.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني