الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النهي عن وصل الصلاة بالصلاة هل يشمل النافلة مع النافلة

السؤال

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يتبع الرجل صلاة الفرض بصلاة النافلة حتى يغير مكانه أو يتحدث فهل ذلك ينطبق على إتباع صلاة النافلة بالنافلة أيضا أي يجب بين كل نافلتين أن أغير مكاني أو أتكلم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي صحيح مسلم من حديثِ أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن توصل صلاةٌ بصلاة حتى يتكلم أو يخرج .

وفي سننِ أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله. يعني: السبحة.

فدلَ الحديثان على مشروعيةِ الفصلِ بين الفريضة والنافلة، وقد حمل عامة العلماء هذا الحكم على الاستحباب.

ونصوص كثيرٌ من العلماء تدل على أن هذا الحكم خاصٌ بالفريضة والنافلة فلا يصل النافلة بالفريضة بل يستحب أن يفصل بينهما، وعلل ذلك بعضهم بخشية التباس النافلة بالفريضة وأن يُزاد في الفريضة ما ليس منها، ويؤيد ذلك حديثٌ ورد في المسند من قول عمر وأقر النبي صلى الله عليه وسلم فيه أن سبب هلاك أهل الكتاب هو عدم فصلهم بين الفرض والتطوع .

قال شيخُ الإسلام رحمه الله: والسنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة وغيرها، كما ثبت عنه في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يفصل بينهما بقيام أو كلام، فلا يفعل ما يفعله كثير من الناس يصل السلام بركعتي السنة، فإن هذا ركوب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا من الحكمة التمييز بين الفرض وغير الفرض، كما يميز بين العبادة وغير العبادة، ولهذا استحب تعجيل الفطور، وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة، ونهي عن استقبال رمضان بيوم أو يومين، فهذا كله للفصل بين المأمور به من الصيام وغير المأمور به، والفصل بين العبادة وغيرها، وهكذا تتمييز الجمعة التي أوجبها الله من غيرها. انتهى.
ومن العلماء من ذهب إلى أن هذا الحكم عام فيشمل النافلة والنافلة فيفصل بينهما بكلامٍ أو خروج، ويؤيده العلة التي عللوا بها وهي تكثيرُ مواضع السجود حتى تشهد له يوم القيامة.

قال الشوكاني رحمه الله : والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة كما قال البخاري والبغوي لأن مواضع السجود تشهد له، كما في قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا، أي تخبر بما عمل عليها، وورد في تفسير قوله تعالى: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْض. أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء، وهذه العلة تقتضي أيضاً أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله، وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام، لحديث النهي عن أن توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم المصلي أو يخرج، أخرجه مسلم وأبو داود. انتهى.

ولا يخفى ما في هذا القول من الاتجاه والعمل بالعموم، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 22946.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني