الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظلم المعلم لطلابه هل يستوجب دخوله النار

السؤال

أنا أردت أن أعرف إن كان العمل يدخل النار، معلمة قرت طالب قي المدرسة، والطالب من الطلاب الأوائل، فلما جاء المعلمة تنادي على الطلاب الأوائل نادت طالبتين والثالث كان طالباً لما جاء يخرج رجعته ونادت طالبة أخرى وأعطتها جائزة الطالب فجرحت مشاعر الطالب وبكى جداً ووعدت الطالب أن تعطيه 50 شيكل له الطالبة لم تكن مجتهدة أكثر منه وأجدر بالجائزة، والطالب اسمه أحمد كان في الصف الثاني والآن في الصف الثاني الإعدادي وما زال من الأوائل، والطالب أنا الذي كتب كل ما أذكر الموقف أحقد على المعلمة وقررت أن أدعو الله أن يقتص منها شر اقتصاص، السؤال هو: هل المعلمة تدخل النار إن لم يسامحها؟ وشكراً لكم وأدامكم الله للأمة الإسلامية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن منع الحق من صاحبه نوع من الظلم الذميم، وقد سبق لنا تعريف الظلم وبيان عقوبته في الفتوى رقم: 11885، ويشتد قبح هذا الظلم إن كان من كبير أو مسؤول، كرئيس العمل أو المعلم أو المعلمة، وقد سبق بيان ذلك أيضاً في الفتوى رقم: 48241.

ومع ذلك فليس لأحد أن يحكم بالنار على مسلم بعينه لمظلمة ظلمها، وإنما يوكل ذلك إلى الله تعالى، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 8735، وراجع للفائدة في الموضوع الفتوى رقم: 32531.

والمظلوم له مع ظالمه ثلاثة خيارات، الأول: أن يعفو ويصفح، لينال أجر المتقين الصابرين، ومعية الله وعونه، والثاني: الإمساك عن العفو والصفح ليلقى المذنب ربه بما اقترف من الإثم، والثالث: المقاصة ومقابلة السيئة بمثلها دون تجاوز.

ولا شك أن المقام الأول هو أعلى المقامات وأفضل الخيارات، لما جاء فيه من الأجر والثواب الذي سبق بيانه، وذلك في الفتوى رقم: 54580، والفتوى رقم: 5338، وقد سبق أيضاً بيان استحباب مقابلة الظلم بالصبر الجميل، والإساءة بالإحسان، وذلك في الفتوى رقم: 51467، والفتوى رقم: 75427.

ونذكر السائل الكريم بأن العفو أقرب للتقوى، وهو لا يختص بمن يستحق العفو كمن أقر بخطئه وتاب إلى الله منه، واعتذر لصاحب الحق واستعفاه، بل حتى الظالم الذي لم يكن منه شيء من ذلك يستحب العفو عنه، لا لكونه أهلاً لذلك، وإنما لينال المظلوم ثواب الله ورضاه، فهي في حقيقة الأمر معاملة مع الله تعالى، القائل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ {المؤمنون:96}، وقد قال ربنا تبارك وتعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني