الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحلف كذبا بقصد الإصلاح بين زوجين

السؤال

لقد ذهبت أنا وزوجة ابن خالي إلى النادي وعندما تحدثت معها تكلمت بشكل غير لائق عن ابن خالي فهو دائما يشكر فيها وفي أخلاقها فوجدتها هي تقول عكس ذلك وعندما رجعت سألني ابن خالي عن ما حدث قلت لا شيء فسألني هل تحدثتما عنى قلت لا خفت أن تحصل مشكلة بسببى فقال لي احلفي بالله فحلفت ثم طلب منى الحلفان بالمصحف فحلفت فقال لي قولي الحقيقة فهي معي على شعرة ولم أقل فأريد معرفة حكم الحلفان الذي حلفته وهل له فدية أو أي شيء كفارة عنه مع العلم بأني حلفت خوفا عليها ومن خراب بيتها والأغرب عندما حكيت لأخلص ضميري قامت هي بتكذيبي وهو لم يصدقني وأصبحت أنا الخاطئة فهل كوني برأت ذمتي وحكيت هل هذا صحيح أم خطأ؟ وشكرا. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فطالما أنك قد حلفت هذه اليمين خوفا من أن يقوم هذا الرجل بتطليق زوجته إذا علم بما حدث أو شك في حدوثه فأردت إزالة شكوكه باليمين، فلا حرج عليك إن شاء الله، مع أنه كان الأولى أن لا تحلفي فالحلف على الكذب من شيم المنافقين وصفاتهم، لكن إذا تعين لإصلاح وتفادي فساد محقق بين زوجين أو أي مسلمين فنرجو أن لا يكون فيه بأس .

فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فيقول خيراً أو ينمي خيراً، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها.

قال ابن باز رحمه الله في شرح هذا الحديث: وهذا يدل على أنّ المُصلح بين الناس ليس بكذاب، الذي يُصلح بين الناس بين القبيلتين أو بين الأسرتين، أو بين شخصين تنازعا فأصلح بينهما و كَذَب فإنّ هذا لا يضره، لأنه أراد الإصلاح، فإذا أتى إحدى القبيلتين أو إحدى الأسرتين أو أحد الشخصين، فقال له قولاً طيباً عن صاحبه وأنه يرغب في الصلح وأنه يُثني عليك وأنه يحب مصالحته، ثم جاء الآخر و قال له كلاماً طيباً، حتى أصلح بينهما . فهذا طيب لأنه لا يَضر أحداً بذلك، ينفع المُتنازعَيْن و لا يضر أحداً. انتهى كلامه.

وما قمت به من كذب فإنه يدخل في باب الإصلاح بين الناس، ولكن كان الأولى في مثل هذا أن تستعملي التورية والمعاريض في الحلف، وكان تجب أن تثبتي على موقفك هذا، أما ما قمت به من مصارحة لابن خالك بقصد إبراء ذمتك- كما توهمت – فهو غير جائز، وهو من المحرمات لأنه من باب الإفساد بين الناس، بل هذا من باب النميمة، وقد قال رسول الله في الحديث المتفق عليه: لا يدخل الجنة قتات. أي نمام.

جاء في فتح الباري: وقال الغزالي ما ملخصه: النميمة في الأصل نقل القول إلى المقول فيه، ولا اختصاص لها بذلك بل ضابطها كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو غيرهما، وسواء كان المنقول قولا أم فعلا ، وسواء كان عيبا أم لا، حتى لو رأى شخصا يخفي ماله فأفشى كان نميمة. انتهى.

فعليك أن تستغفري الله من هذا الفعل ولا تعودي له. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 64888.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني