الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية رد المال المسروق الذي استثمر

السؤال

اكتسبت أكثر أموالي من طرق غير مشروعة كالسرقة أو النصب مثلا أثناء الصغر ولكنني تبت إلى الله توبة نصوحا لم أرجع بعدها أبدا إلى مثل هذه التفاهات أؤدي جميع الفرائض بشكل يومي منذ 30 سنة تقريبا أصبح عمري الآن 55 عاما ولكنني مازلت أتذكر كل الممارسات الخاطئة منذ الصغر واندم عليها والآن ماذا أفعل في بعض المشروعات التي دخلت فيها ومنها جزء من هذه الأموال فيها جزء حلال وجزء حرام هل الأرباح التي تدر منها حرام أم أنها بعد التوبة يصح لي الأكل والشرب واللبس من ثمنها؟
بالله عليك ترد علي بجواب مطول وشاف لأن ضميري يؤنبني بشكل يومي ولا أستطيع أن أصرف أرباح هذه المشاريع في الزكاة أو المأكل أو المشرب فماذا أفعل وما تشير به علي أرجوك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنيئا لك السعي للتوبة، والحرص على التخلص من تبعة المال الحرام، الذي لا ينبت منه لحم إلا كانت النار أولى به، والتوبة منه لا بد فيها من بذل الطاقة والوسع في رد المسروقات وكافة الحقوق إلى أصحابها، وأما الربح الناشئ عن استثمار هذا المال ففيه اختلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من ذهب إلى أنه للعامل استنادا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان. رواه الخمسة. وذهب البعض إلى أنه تابع للمال، وأن لا شيء للعامل منه. ولعل القول الأعدل في ذلك هو أن يكون بينهما لأنه إنما حصل بمال هذا وعمل هذا، ويمكنك أن تراجع في هذا فتاوى ابن تيمية.

فإن تعسر عليك معرفة أصحاب الحقوق أو الوصول إليهم بعد بذل ما يمكنك في ذلك، فلتتصدق بهذا المال باسم أصحابه بحيث إن طالبوا بحقوقهم يوم القيامة كان ثواب تلك الصدقة كافيا لقضاء حقوقهم. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية:3051، 6022، 3519.

فإن فعلت ذلك وتخلصت من المال الحرام وأرباحه، وبقي الجزء الحلال وأرباحه طاب لك استعماله في المأكل والمشرب وأداء الزكاة. وعليك أخي الكريم بكثرة أعمال البر والطاعة تعويضا عما فات؛ فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود: 114}

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: أَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني.

ثم نبشر السائل الكريم بقول الله سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 70} وقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني