الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مكان ذبح الهدي وهل يمكن ذبحه في الحل

السؤال

أنوي أحج عن والدي المتوفى فهل يجوز توكيل من يقوم بذبح الهدي وتوزيعه خارج المملكة لمعرفتي لمن فيهم أشد الحوجة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهبُ جمهور أهل العلم وجوب ذبح الهدي الواجب وتفريقه في الحرم، وذهب جماعةٌ منهم إلى جواز ذبحه خارج الحرم إذا كان يوصله إلى مساكين الحرم وهو قولٌ مرجوح، والراجح وجوب ذبح الهدي في الحرم لما ثبت في السنن عنه صلى الله عليه وسلم قال: كل فجاج مكة طريقٌ ومنحر. فمفهومه بينٌ في أن النحر في غير مكةَ لا يجوز، قال العلامة العثيمين رحمه الله: يقول أهل العلم: إن الواجب نحر هدي التمتع داخل حدود الحرم لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في منى وقال: لتأخذوا عني مناسككم. ولأن الهدي دم يجب للنسك فوجب أن يكون في مكانه وهو الحرم، وعلى هذا فمن نحر خارج الحرم لم يجزئه الهدي وتلزمه إعادته في الحرم، ثم إن كان جاهلاً فلا إثم عليه وإن كان عالماً فعليه الإثم .
وقد أشار صاحب الفروع إلى أن وجوب الذبح في الحرم باتفاق الأئمة الأربعة، لكن قال الشيرازي في المهذب: إذا وجب على المحرم دم لأجل الإحرام كدم التمتع والقران، ودم الطيب وجزاء الصيد وجب عليه صرفه لمساكين الحرم لقوله تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ. فإن ذبحه في الحل وأدخله الحرم نظر فإن تغير وأنتن لم يجزئه، لأن المستحق لحم كامل غير متغير فلا يجزئه المنتن المتغير، وإن لم يتغير ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجزئه، لأن الذبح أحد مقصودي الهدي فاختص بالحرم كالتفرقة .
والثاني: يجزئه ؛ لأن المقصود هو اللحم، وقد أوصل ذلك إليهم. انتهى. قال النووي: وهو الصحيح .
ولكن الأحوط المنع؛ للأدلة التي ذكرناها في صدر الجواب، مجموع فتاوى ابن عثيمين.

وأما نحر الهدي وتفريقه خارج الحرم فلا نعلم قائلاً به من العلماء، وعليه فالواجبُ عليكَ أن تذبح الهدي الواجب عليك في مكة أو توكل من يقوم بذبحه فيها، وليست حاجة بعض الناس خارج مكة مسوغاً لنقل الحق الذي أوجبه الله لفقراء الحرم إلى غيرهم، ثم إن مساعدة هؤلاء الفقراء والمحاويج خارج الحرم أمرٌ مطلوب شرعا، وهي ممكنةٌ من صدقة التطوع والتبرعات المحضة، وكذا من زكاة المال عند من يجيزُ نقلها من أهل العلم، ولا تتعينُ مساعدة هؤلاء الفقراء من الهدي الواجب، وعليه فالواجبُ على المسلم أن يمتثل شرع الله ويدورَ معه حيثُ دار دون إعمالٍ للعقل فيما لا مدخل له فيه. وللمزيد انظر الفتوى رقم:58002.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني