الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (وإذا حضر القسمة أولو القربى..)

السؤال

تفسير الآية في سورة النساء (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى....) وكيف تتحقق عملياً، فأرجو إعطائي أمثلة عملية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا {النساء:8}، قال السعدي رحمه الله تعالى: وهذا من أحكام الله الحسنة الجليلة الجابرة للقلوب، فقال (وإذا حضر القسمة) أي: قسمة المواريث (أولو القربى) أي: الأقارب غير الوارثين بقرينة قوله (القسمة) لأن الوارثين من المقسوم عليهم. (واليتامى والمساكين) أي: المستحقون من الفقراء. (فارزقوهم منه) أي: أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب، ولا عناء ولا نصب، فإن نفوسهم متشوفة إليه، وقلوبهم متطلعة فاجبروا خواطرهم بما لا يضركم وهو نافعهم، ويؤخذ من المعنى أن كل من له تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان، ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين. أو كما قال.. وكان الصحابة رضي الله عنهم -إذا بدأت باكورة أشجارهم- أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرك عليها، ونظر إلى أصغر وليد عنده فأعطاه ذلك، علما منه بشدة تشوفه لذلك، وهذا كله مع إمكان الإعطاء، فإن لم يمكن ذلك -لكونه حق سفهاء أو ثم أهم من ذلك- فليقولوا لهم (قولاً معروفاً) يردوهم رداً جميلاً بقول حسن غير فاحش ولا قبيح... انتهى.

ومحصل الآية الحث على إعطاء القريب الذي لا يرث والفقير والمسكين شيئاً من التركة -عند قسمتها- لتطييب نفوسهم وخواطرهم، وقد اختلف الفقهاء في هذا الإعطاء هل هو واجب أو مستحب؛ فمنهم من قال واجب، ومنهم من قال مستحب، قال القرطبي رحمه الله: والصحيح أن هذا على الندب، لأنه لو كان فرضاً لكان استحقاقاً في التركة ومشاركة في الميراث... انتهى.

وبإمكان السائل الكريم الرجوع إلى كتب التفسير لمعرفة المزيد عن هذه الآية، وهل هي منسوخة بآيات المواريث أم محكمة؟ وغير ذلك من المباحث الفقهية المذكورة في تفسير هذه الآية الكريمة، وتطبيق الآية عملياً كما ذكرنا من أنه يستحب عند قسمة الميراث أن يعطى القريب الذي لا يرث كأولاد البنت وبنات الإخوة والعمات وغيرهم من ذوي الأرحام أو الفقراء والمساكين من كان منهم حاضراً عند القسمة أن يعطوا شيئاً يسكت تشوفهم ويطيب خاطرهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني