الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما أثر الربانية في قراءة التلميذ للقرآن الكريم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالربانية هي الاعتصام بالكتاب والسنة, وقد تقدم تعريف الرباني وأقوال العلماء فيه في الفتوى رقم: 70088.

وللربانية آثار كثيرة في تلاوة التالي للقرآن الحكيم, ومن هذه الآثار:

1- أن يقصد بقراءته وجه الله تعالى والتقرب إليه، فالعمل إذا دخله الرياء أو السمعة .. فلا قيمة له بل ربما أصبح وبالاً على صاحبه, قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ {البينة:5}.

2- الطهارة الظاهرة والباطنة، فيطهر ظاهره من الحدث والخبث، وباطنه من الذنوب والمعاصي, قال - صلى الله عليه وسلم- : الطهور شطر الإيمان. رواه مسلم وغيره.

قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين: الطهور شطر الإيمان: يشمل طهور الماء, التيمم, وطهارة القلب من الشرك والشك والغل والحقد على المسلمين وغير ذلك مما يجب التطهر منه فهو يشمل الطهارة الحسية والمعنوية، شطر الإيمان: نصفه، والنصف الثاني هو التحلي بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة لأن كل شيء لا يتم إلا بتنقيته من الشوائب وتكميله بالفضائل، فالتكميل بالفضائل نصف، والتنقية من الرذائل نصف آخر، ولهذا قال: الطهور شطر الإيمان، وأما شطره الثاني فهو التكميل بالأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة. انتهى.

وقال النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن: وليحذر كل الحذر من أمراض القلوب كالحسد، والعجب، والرياء، واحتقار الناس والارتفاع عليهم، وإن كانوا دونه، وعليه أن لا يرى نفسهُ خيراً من أحد. انتهى.

3- تدبر معاني آيات القرآن الكريم, قال سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ {ص:29}.

قال الحسن البصريُّ رحمه الله: إن من كَان قبلكم رأوا القُرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار.

4- العمل بأوامر القرآن, واجتناب نواهيه, جاء في عون المعبود قال بعض العلماء: إن من عمل بالقرآن فكأنه يقرؤه دائما وإن لم يقرأه ، ومن لم يعمل بالقرآن فكأنه لم يقرأه وإن قرأه دائما، وقد قال الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب. فمجرد التلاوة والحفظ لا يعتبر اعتبارا تترتب عليه المراتب العلية في الجنة العالية. انتهى.

5- أن يلتزم الخشوع والخضوع أثناء القراءة بل وفي شؤونه كلها، جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ينبغي لحامل القُرآن أن يُعرف بليلهِ إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مفطرون، وبحزنه إذا النَّاس يفرحون، وببكائهِ إذا النَّاس يضحكون، وبصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، وبخشوعه إذا النَّاس يختالون .

وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: حامل القُرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن.

6- أنه لا ينبغي له أن يقطع التلاوة لشيء من أمور الدنيا إلا إذا كان ذلك ضرورياً.

ومن أراد الزيادة فعليه بكتاب: التبيان في آداب حملة القرآن للنووي رحمه الله.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24437، 19297، 9154.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني