الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحديث بالرمز والإشارة إذا كان يضر بالآخرين

السؤال

إنسان يتحدث بطريقة ألفاظ محورة بحيث يعرف الذي أمامه بشيء يقصده دون أن يتلفظ بشيء يؤخذ عليه، وبهذا ينشر إشاعات أو أخطاء تضر الآخرين دون الإمساك به.....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالهمز واللمز نوع من أنواع الغيبة المحرمة، والهمز يكون بالقول، واللمز بالفعل، ولا فرق بين كون ذلك يقع تصريحا أو تلميحا، أو حتى إيماءً وإشارةً، ما دام المعنى المحظور مفهوما من الكلام.

قال الغزالي: الذكر باللسان إنما حرم لأن فيه تفهيم الغير نقصان أخيك، وتعريفه بما يكرهه، فالتعريض به كالتصريح، والفعل فيه كالقول، والإشارة والإيماء والغمز والهمز والكتابة والحركة، وكل ما يفهم المقصود فهو داخل في الغيبة، وهو حرام. انتهى.

وهذا المذكور في السؤال إن كان يترتب عليه إفساد بين الناس فهو من النميمة، سواء كان المنقول حقا وصدقا، أم باطلا وكذبا، فإن العبرة بما يؤول إليه الأمر، فإن أدى نقل الكلام إلى فساد ذات البين فهي النميمة، وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع. وقد سبق بيان ذلك وغيره مما يتعلق بالغيبة والنميمة، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6710، 112691، 66124، 29332.

ثم لا يخفى أن هذا الإنسان ـ محل السؤال ـ يؤذي المسلمين، وهذا من المحرمات أيضا؛ قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب: 58}

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ، وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ. رواه الترمذي، وحسنه الألباني. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني