الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلا بزوجته ثم طلقها قبل الدخول فما حكم المهر والهدايا

السؤال

أرجو التمعن في مسألتي بحيثياتها و إن شاء الله سأنصف نفسي و من يهمني أمره هنا.
بداية أريد أن أقول بأني قرأت معظم الفتاوى المتعلقة بالخلع والطلاق ولكني لا أزال في حيرة وكما تعلمون لكل قضية بعض الخصوصية. قصتي تشبه الفتوى رقم: 64008 والفتوى رقم: 49592 مع التالي : خطبت وكتبت كتابي على فتاة دون تسجيل رسمي و كنت على وفاق معها وحدث بيننا ما يكون للأزواج إلا أنها بقيت بكرا. فهو وطء بغير دخول. ثم كان أن سافرت بمنحة دراسية لإكمال الدكتوراه في دولة أوربية غربية بعد ٤ أشهر من خطبتي. و كنت أهديت طليقتي قبل سفري بما يقارب ضعف المقدم ذهبا وأهديتها أشياء أخرى على قدر المستطاع علما أني استدنت نصف ثمن الذهب من ولعي بها. كان أول خلاف معها هو تخوفها من أن لا أحصل على المنحة ولكن الحمد لله أني حصلت عليها و سافرت. وبقيت هي لتنهي سنتها الجامعية الأخيرة. بعد ذلك بدأت المشاكل حيث إن الماجستير الذي درسته كان بالغ الصعوبة وقد سبب لي اكتئابا حادا وأفقدني الكثير من اتزاني و ثقتي بنفسي حتى أني بت أبدو لخطيبتي معقدا. ولكن توكلي على الله وصلاتي و إرادتي بإكمال ما بدأت أمكنتني من النجاح بالماجستير بجدارة . خلال تلك السنة كانت الخلافات بيني و بين خطيبتي تزداد و باتت تتصورني مهملا لها و بخيلا في العاطفة و المال لأنها كانت تود أن أبقى على تواصل معها بالنت أو الهاتف والأمران يستهلكان الكثير من المال و الوقت. هي جميلة و مدللة و بحبوحة ماديا أكثر مني. المهم أثناء سنة الماجستير أرسلت لها هدايا من مغتربي.. و كان أن توفي أبوها في نصف تلك السنة وأمها كانت صاحبة الكلمة والتأثير في البيت وهما متعلقتان ببعضها للغاية حتى أن أمها كانت تدري بكل حديثنا و كانت تؤثر بعلاقتنا. خلال السنة طلبت مني خطيبتي (السابقة) عدة مرات أن أطلقها لأسباب والله أربأ عن ذكرها لسخفها. ومع ذلك استمررنا بين نور و نار وأشواك و ورود وكانت تقول إنها تحارب أمها وأهلها لتبقى معي. قبل عودتي من سنة الماجستير استأجرت بيتا وجهزته بأحسنه على نية أن أتم زواجي بإجازتي لتكون معي برحلة الدكتوراه. و لكن الذي حدث أنه بصباح عودتي للوطن سافرت لأعزي أهل خطيبتي بأبيها المتوفى قبل شهور و لم أكن قد صرفت العملة معي بل ذهبت و معي بعض من العملة المحلية. كانت أمها متوترة مني و لم نجلس في بيتهم و أصرت خطيبتي أن أدعوها لمطعم هناك و لم أقدر هناك على تضييفها بما تبقى من عملة محلية و لم أجد من يصرف لي العملة الأجنبية فكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير, بدأت هي تتوتر من سوء تقديري وغادرت المطعم و لحقت بها أريد أن أوضح لها أمري و لكنها أغلقت أبواب الحوار و طلبت الطلاق. عدت مرهقا وكلمتها بالهاتف اطلب منها التروي لكن أصرت على رأيها و طلبت مني أن آتي لأسترد الأغراض. بعد أن صليت الاستخارة ذهبت و معي موكلي المحامي لبلدتهم لإنهاء هذا الأمر بعد سنة و ٥ شهور . و لكنني لم أشأ الدخول معه فانتظرته حتى عاد و قد طلقها تطليقة واحدة واسترد كامل الذهب و الهدايا. والعرف لدينا أن من يترك فعليه أن يترك كل شيء. علما أن أمها أرادت أن تستبقي الذهب. أنا الآن بدأت بالدكتوراه بحول الله ولكنني لا أزال أفكر بها و هل ظلمتها و ساعدتها بالقرار الذي اتخذته وهل لها أية حقوق مع أخذ الفتوى 64008 بعين الاعتبار مع أنها هي التي أصرت على ما أرادت و ما فعلت.
أرجو إفادتي لأني لا أحب ظلم نفسي و لا ظلم الآخرين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فطالما أنك قد اختليت بهذه الفتاة وجامعتها فقد وجب لها جميع المهر حتى ولو لم تزل بكارتها بهذا الجماع، بل الراجح من أقوال العلماء أن الخلوة الصحيحة التي يمكن فيها الوطء غالبا تقرر المهر كاملا للمرأة، ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده إلى زرارة بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون إن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة. انتهى.

وقال العلامة الخرقي وهو من علماء الحنابلة: وإذا خلا بها بعد العقد فقال لم أطأها وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمها حكم الدخول في جميع أمورهما. انتهى.

ومعنى الخلوة الشرعية عند الفقهاء انفراد الزوجين في مكان يمكن فيه الجماع بينهما ولو لم يحصل، وبناء على ذلك، فإن على هذه المرأة أن تعتد بثلاثة قروء، ولها المهر كاملا مقدمه ومؤخره، ولكن إن تنازلت هي عنه بمحض إرادتها وردته لك، فيجوز لك أخذه حينئذ، ولا عبرة بمعارضة أمها في ذلك؛ لأنها هي صاحبة المال طالما كانت بالغة رشيدة؛ لقوله سبحانه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4}ولقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني. وكذا الحال بالنسبة للهدايا التي أرسلتها لها، فإنها ملك لها ولكن إن ردتها فيجوز لك أخذها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني