الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدم الذي تراه المرأة بين التوأم

السؤال

امرأة حملت بتوأم ثم أسقطت أحدهما وهي في الشهر الخامس من الحمل، وبقي الآخر في بطنها، فما زالت حاملا. فهل تعد نفساء أم أنه عليها أن تصلي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الجنين الذي أسقطته هذه المرأة في الشهر الخامس مما يقطع بأنه قد تخلَّق كما بينا في الفتوى رقم: 20777، وعلى هذا فهذه المسألة هي المعروفة عند العلماء بالدم الذي تراه المرأة بين التوأم، وهذا الدم إن كان بينه وبين الدم الآخر الذي يكون عند ولادة التوأم الآخر ستة أشهر فأكثر، فكلا الدمين نفاس بلا خلاف كما قال النووي، وأما إن كان بينهما دون ستة أشهر ففي المسألة ثلاثة أقوال معروفة:

الأول وهو الأصح عند الشافعية أن النفاس يعتبر من الولد الثاني. قال النووي: وهو مذهب محمد وزفر ورواية عن أحمد وداود. انتهى. وعلى هذا القول، فهذا الدم الذي رأته هذه المرأة بعد السِقط ليس نفاساً ولكنه دم فساد، وليس حيضاً لأن الراجح أن الحامل لا تحيض.

الثاني: أن النفاس يحسب من الولد الأول وهو قول أبي حنيفة ومالك والمعتمد عند الحنابلة ووجه عند الشافعية، وعلى هذا القول فهذا الدم نفاس له أحكام النفاس وتحسب مدته من جملة مدة النفاس، فلو رأت دما عشرين يوماً مثلاً ثم ولدت الثاني ورأت بعد ولادة الثاني أكثر من عشرين يوماً فالدم الذي تراه بعد العشرين دم فساد لأن أكثر مدة النفاس أربعون يوماً على الراجح من أقوال العلماء. ولو رأت بعد وضع الأول دما أربعين يوماً فالدم الذي يكون بعد ولادة الثاني دم فساد كله.

الثالث: أن كلا من الدمين دم نفاسٍ له أحكامه المستقلة لأن كلا منهما دمٌ خارجٌ عقب ولادة فاعتبر نفاسا. وهذا القول رواية عن أحمد ووجه في مذهب الشافعية.

قال الموفق في المغني: واختلف أصحابنا في الرواية الثانية، فقال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب في رؤوس المسائل: هي أن أوله من الأول وآخره من الثاني. وهذا قول القاضي في كتاب الروايتين لأن الثاني ولد فلا تنتهي مدة النفاس قبل انتهائها منه كالمنفرد، فعلى هذا تزيد مدة النفاس على الأربعين في حق من ولدت توأمين.انتهى.

وقال العلامة ابن قاسم في حاشيته على الروض: وقال بعض الشافعية: اتفق أئمتنا على استئناف النفاس فإن الذي تقدمه نفاس كامل، ويستحيل أن تلد الثاني وترى الدم عقبه ولا يكون نفاسا. انتهى. وللاتفاق على أن الدم المهراق بعد الولادة نفاس. انتهى كلام ابن قاسم رحمه الله.

وهذا القول الثالث هو الذي رجحه العلامة العثيمين في الشرح الممتع، وهو الذي يظهر لنا رجحانه لقوة تعليله. وعليه، فالدم الذي رأته هذه المرأة عقب السِقْط دم نفاس إلى أن يجاوز الأربعين يوما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني