الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم تزك مالها لظروف الحرب فماذا عليها

السؤال

يقول الرسول الكريم: لا صدقة إلا من ظهر غني. زوجي لا يملك بيتا أو سيارة وهو منشغل بمصاريفنا الأساسية من مأكل ومشرب وعلاج ودراسة الأولاد. أنا لدي مال و أساهم مع زوجي في شراء أشياء للأولاد من مالي الخاص(راتب). لي مبلغ آخر من المال قد بلغ حد النصاب تركته في بلد كنا نعيش فيه خوفا عليه، ولتحويله عن طريق البنك بشكل آمن عندما نصل إلى بلادنا. بعد وصولنا امتنع البنك عن التحويل بسبب ظروف الحرب و عدم وجود اتفاقيات بنكية بين البلدين(لم نعلم هذا إلا لاحقا بعد أن خرج الأمر من بين أيدينا).
اضطررت للانتظار سنين حتى تيسرت الظروف واستطعت السفر والوصول لمالي. سؤالي هل تجب علينا الزكاة في حالتنا المادية هذه؟ و هل هناك زكاة على هذا المال عن الفترة التي لم أصل له فيها؟ و هل لو اتبعت رأي الإمام مالك في كون هذا المال ضمارا أكون قد ارتكبت حراما. الرجاء الإيضاح خصوصا ما يتعلق بالمال الضمار؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يظهر لنا كون هذا المال ضمارا، لأنه وديعة في يد البنك يمكنك تحصيلها في أي وقت، وإنما منعه من توصيله إليكم ما ذكرت من ظروف الحرب، فهو مال مرجو الحصول إذ المال الضمار هو غير مرجو الحصول. جاء في الموسوعة الفقهية: اصطلاحا يطلق الفقهاء المال الضمار على المال الذي لا يتمكن صاحبه من استنمائه، لزوال يده عنه، وانقطاع أمله في عوده إليه، وعلى هذا عرفه صاحب المحيط من الحنفية بقوله: هو كل ما بقي أصله في ملكه، ولكن زال عن يده زوالا لا يرجى عوده في الغالب.انتهى.

وفي المال الضمار ثلاثة أقوال معروفة للعلماء؛ أولها: أنه يستقبل به حول جديد. وهو قول أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وثانيها: أنه يزكي لحول واحد وهو قول مالك وترجيح العلامة العثيمين، وثالثها: أنه يزكى لما مضى من السنين، وهو قول الجمهور وهو الراجح.

والحاصل إن الزكاة واجبة عليك لما مضى من السنين لأن مالك ليس ضمارا بل على افتراض كونه ضمارا فالزكاة كذلك واجبة لما مضى من السنين على الراجح كما تقدم، واعلمي أيتها الفاضلة أن المال مال الله، وأن الخلق خلق الله، والواجب عليهم أن يصرفوا هذا المال حيث أمرهم. ثم اعلمي أن الزكاة لا تنقص المال بل تزيده وتنميه وتجعله مباركا نافعا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ما نقص مال من صدقة.
وقال عز وجل: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين َ{سبأ:39}.

فعليك أن تؤدي زكاة مالك وأنت طيبة النفس، منشرحة الصدر، راجية للخلف من الله عز وجل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني