الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر ولها أولاد منه

السؤال

أرجو أن تفيدوني بموضوع امرأة مسيحية متزوجة ولديها أطفال، تتوق للدخول في الإسلام سراً دون علم زوجها وأهلها بسبب تيقنها بممانعتهم، ولكنها لا تريد ترك زوجها وأطفالها لحبها الشديد لهم وحبهم لها، فماذا تفعل؟ هل تبقى على علاقتها مع زوجها المسيحي؟ مع العلم أن حبها الشديد لزوجها وأطفالها قد يدفعها للتردد عن الدخول رسمياً في الإسلام إن كان ذلك يوجب عليها ترك عائلتها! هي مقتنعة أن علاقتها بالله عز وجل ستكون روحانية، ولا تريد أن تؤثر عليها أي ضغوط خارجية! أفيدونا أكرمكم الله ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعلى هذه المرأة أن تبادر أولا بالدخول في الإسلام، وذلك بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، فإن هي فعلت فعليها بعد ذلك أن تدعو زوجها للدخول في الإسلام، وأن ترغبه في ذلك بكل طريق، فإن هو أبى فلتعلمه أنه إن لم يستجب فإنها ستفارقه، فإن دين الإسلام لا يجيز بقاء المسلمة تحت غير المسلم، بل إن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها منع من الاستمتاع بها، ويؤمر بالإسلام، فإن قبل أقر على نكاحه مادامت في العدة، وإن أبى حتى خرجت من العدة بانت منه. قال مالك في الموطأ: والأمر عندنا أن المرأة إذا أسلمت وزوجها كافر ثم أسلم فهو أحق بها مادامت في عدتها، فإن انقضت عدتها فلا سبيل له عليها.

وقال ابن قدامة في المغني: إذا أسلم أحد الزوجين وتخلف الآخر حتى انقضت عدة المرأة انفسخ النكاح في قول عامة العلماء. اهـ.

والخلاصة أنه لا يجوز بقاؤها في عصمته بعد العدة، ولا يجوز استمتاعه بها أثناء العدة .

هذا هو حكم الله ولا معقب لحكمه سبحانه ولا راد لقضائه، وقولها إن علاقتها بربها ستكون روحانية إذا أرادت به عدم التقيد بالأحكام الشرعية الواجبة عليها قول غير صحيح، فينبغي على أهل الإسلام أن يعلموها أننا أمرنا أن نعبد الله كما أمر هو سبحانه، لا كما نرى نحن ونهوى، فإن معنى الإسلام استسلام وخضوع لرب العالمين

أما عن علاقتها بأبنائها فهي باقية، بل إن من كان منهم صغيرا حكم بإسلامه تبعا لها. قال صاحب كنز الدقائق: الولد يتبع خير الأبوين دينا.اهـ

وكذا علاقتها بوالديها وإخوتها باقية، فإن الله سبحانه أمر ببر الوالدين والإحسان إليهما ولو كانا كافرين يدعوان ولدهما إلى الشرك بالله. قال في محكم التنزيل: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً. قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وفهم من ذكر ( وصاحبهما في الدنيا معروفاً ) إثَر قوله ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ..) أن الأمر بمعاشرتهما بالمعروف شامل لحالة كون الأبوين مشركين، فإن على الابن معاشرتهما بالمعروف، كالإحسان إليهما وصلتهما. انتهى

وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 26129 ، 64881 ، 56460 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني