الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يطلب الزواج محتاجا إليه ولا يجده.. الأسباب والحلول

السؤال

أرجو النصيحة: أنا محتاج إلى الزواج وأسعى وأبحث ولم يقدر لي حتى الآن حتى بلغت 40 عاما بعد وفاة الأب أصبحت أبا لأخواتي حتى تم تزويج أختي وأعيش مع أمي المريضة أخدمها في علاجها ولا أدري التأخير بتقصير مني أم لا وأصبحت ضيق الصدر مع أني قد حججت وأعتمر في آخر رمضان كل عام..
أرجو إرشادي بتفصيل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما قمت به من رعاية لأمك وإخوتك عمل صالح عظيم نسأل الله سبحانه أن يثيبك عليه وأن يجعله في ميزان حسناتك يوم تلقاه, ولكن ما كان ينبغي لك أن تؤخر الزواج بسبب هذا خصوصا مع ما ذكرت من أنك تحتاج إليه, فما كان الزواج ليعوقك عن القيام بهذه القربات؛ بل إن الزواج بصاحبة الدين والخلق هو من أكبر العون للإنسان على أمور دينه ودنياه.

ولم يتضح لنا على الحقيقة سبب مادي يمنعك من الزواج, فطالما أنك تحتاجه وتسعى إليه, وأحوالك المادية مستقرة ميسورة حيث إنك تعتمر كل عام فما المانع إذا؟

فإن كان المانع خارجا عن إرادتك وكنت تشكو تعسيرا في أمورك, وضياعا لآمالك فيما كنت ترجو وتؤمل, فإنا نوصيك بتفقد أعمالك وعلاقتك بربك, فقد قال بعض السلف: إن الصالحين إذا فقدوا آمالهم تفقدوا أعمالهم. ذلك أن تعسير الأمور وسد الأبواب إنما هو من ثمرات المعاصي والتقصير في جنب الله سبحانه.

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي: ومنها( ثمرات المعاصي ) تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسراً عليه, وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا, فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا, ويالله العجب كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أتي. انتهى.

فعلى العبد أن يعلم أن ما أصابه من حرمان وضيق وعسر إنما هو بسبب ذنوبه ومعاصيه, قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.{الشورى: 30}.

فعليك أخي بتقوى الله سبحانه والاستغفار لذنوبك فما استجلبت مصالح الدارين بمثلهما, قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق : 2 - 3}.

قال ابن تيمية رحمه الله: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا ، قد روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم. وقوله: ( مخرجا ) عن بعض السلف: أي من كل ما ضاق على الناس. انتهى.

وقال سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا. {نوح : 10- 12}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني