الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السبيل الذي اخترته داء وليس دواء

السؤال

1-بسم الله الرحمن الرحيم. أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة حاصل على دبلوم عال لكنني بدون عمل، وأنا فقير جداً لا أستطيع الزواج وقد صبرت حتى بدأت تظهر علي مشاكل صحية و نفسية صعبة و أنا الآن لدي عشيقة أزني بها ولم أفعل هذا من قبل حتى نفد صبري وتأكدت من أني لن أستطيع الزواج. من فضلكم انصحوني جزاكم الله خيرا والسلام عليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم أنما أقررت أنك تفعله هو من أكبر الكبائر ومهلكات الذنوب، وبئس السبيل هو للخلاص مما ذكرت أنك تعاني منه، قال الله تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)[الإسراء:32] وقال سبحانه وتعالى في معرض سرده لصفات المؤمنين الصالحين الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) [الفرقان:68،69]
فعليك أن تبادر إلى التوبة إلى الله تعالى وتكثر من الأعمال الصالحة قبل أن تهلك باستمرارك وإصرارك على هذه الكبيرة الشنيعة.
وإن شؤم المعصية أكبر وأخطر مما يبدو أنك تتصوره، لذلك استخففت بالأمر، وجعلت المعصية حلا لمشكلة قد شرع الله تعالى لها حلاً آخر لا إثم فيه ولا عنت، فتب إلى الله تعالى فوراً، واسأله بإلحاح أن يعينك على طاعته، ويحفظك من معصيته، واسع بصدق وجد في الزواج، فإنك لن تعدم من الله تعالى عوناً حقيقياً عاجلا، وعليك قبل حصول ذلك أن تكثر من الصوم والعبادة بكل أنواعها. واشغل نفسك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك، واجعل نصب عينيك شؤم المعصية في العاجل والآجل.
ونوصيك أولاً وأخيراً أن تتقي الله تعالى حق تقاته، وأن تجعل مفزعك إليه، وإلى طاعته وابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، فإن في ذلك وحده حلا لكل مشاكلك وتفريجاً لكل همومك وغمومك، وتيسيراً لكل أمورك. وصلاحاً لكل أحوالك وظروفك.
يقول الله سبحانه وتعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب)[الطلاق: 2،3]
ويقول في نفس السورة أيضاً (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً*ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً) [الطلاق:4،5]
ويقول سبحانه وتعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) [الأعراف:96]
ويقول سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)[الأحزاب: 70،71]
ويقول سبحانه وتعالى: (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون)[النور:52]
ويقول سبحانه وتعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97]
ويقول سبحانه وتعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى*ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى)[طه:123،124]
والآيات في هذا الباب تكاد تخرج عن طوق الحصر، والأحاديث مثلها أو أكثر، نذكر منها ما في المسند والحاكم والسنن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب"
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني