الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرضا بالقضاء والثقة باختيار الله للعبد

السؤال

فأنا مشكلتي أنني أخاف كثيرا من الموت ليس أن أموت ولكن أن يموت أبي أو أمي مثلا، عندما أنام أقول غدا سأتيقظ وأجد أبي أو أمي ميتين، فأخاف وعندما تؤلمني عيني أقول إن الله سيفقدني بصري لأني عبد مذنب وأقول لنفسي عندما أكبر سأفقد سمعي وبصري وسأفقد قدمي لأني فعلت ذنبا وما إلى ذلك، وعندما أطلع بالطائرة يجيء لنفسي بأننا ستسقط الطائرة ونموت، فماذا افعل عند الخوف قيل لي قل يوميا ((بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شي لا في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم )) فإنه لا يضرك شيء، فهل القصد بلا يضرك شي قصد جسدي أم إيماني؟ ...أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الخوف من الموت وكذا الخوف من عقوبات الذنوب أمر مطلوب ونافع، إذا وُجِّه وجهته الصحيحة، بأن كان دافعا العبد إلى الإقبال على طاعة الله وتقواه واجتناب محارمه، والاستقامة على ذلك. أما مجرد هذا الشعور المؤرق، الذي يمنع العبد من الانتفاع بعمره ويقطعه عن مصالح دينه ودنياه، فهذا أشبه بالمرض النفسي، الذي ينبغي أن يعالج. ولا مانع من أن يعرض السائل نفسه على طبيب نفساني مسلم مشهود له بالكفاءة، ويستفيد من توجيهه.

وقد سبق لنا التفريق بين الممدوح والمذموم في الخوف من الموت، في الفتويين: 115150، 8181.

وما ينتاب السائل من هذه المشاعر إنما هي من وساوس الشيطان الذي يريد أن يحزن الذين آمنوا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن.

فعليك ـ أخي الكريم ـ بالاجتهاد في طاعة الله، مع حسن الظن به، وصدق التوكل عليه، ودوام الاستعانة والركون إليه. واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فالآجال والأقدار قد كتبت وفرغ منها فما قدره الله سيكون فأرح نفسك وثق بأن اختيار الله لك خير من اختيارك لنفسك، فإنه تعالى أرحم بنا من أمهاتنا. قال في مدارج السالكين: وإنما الرضا سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنه اختار له الأفضل فيرضى به.

وأما الذكر الذي ذكره السائل الكريم، فقد رواه أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. ثلاث مرات، لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. ورواه الترمذي وصححه، وابن ماجه وأحمد، بلفظ: ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضره شيء.

قال أبو الحسن المباركفوري في (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح): في الحديث دليل على أن هذه الكلمات تدفع عن قائلها كل ضر كائنًا ما كان، وأنه لا يصاب بشيء في ليله ولا نهاره إذا قالها في أول الليل والنهار. اهـ.

وهناك أدعية أخرى يتعوذ بها عند الخوف من التعرض للأذى ذكرناها في الفتوى رقم: 108339.

وقد سبق لنا الكلام عن علاج الخوف والقلق والضيق والاكتئاب، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80958، 64507، 57372.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني