الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى(فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما..)

السؤال

يرجى التكرم من سيادتكم بتوضيح حكاية حوت سيدنا موسى في سورة الكهف. وهل هو حوت مثل الذي نعرفه اليوم، أو ماذا؟ وأيضا توضيح معنى الآية: فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله فى البحر سربا. هل كان الحوت برفقة سيدنا موسى أو ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حوت موسى سمكة طبيعية أمر بحملها، وكان فقدها أمارة لمكان الخضر. وقال ابن جزي في التفسير في معنى الآية: { فلما بلغا مجمع بينهما } الضمير في بلغا لموسى وفتاه، والضمير في بينهما للبحرين { نسيا حوتهما } نسب النسيان إليهما ، وإنما كان النسيان من الفتى وحده، كما تقول فعل بنو فلان كذا: إذا فعله واحد منهم. وقيل: نسي الفتى أن يقدمه ونسي موسى أن يأمره فيه بشيء { فاتخذ سبيله في البحر سربا } فاعل اتخذ الحوت ، والمعنى أنه سار في البحر فقيل : إن الحوت كان ميتا مملوحا ثم صار حيا بإذن الله ، ووقع في الماء فسار فيه ....انتهى.

وقال ابن كثير في التفسير : وقوله : فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما. وذلك أنه كان قد أمر بحمل حوت مملوح معه ، وقيل له : متى فقدت الحوت ، فهو ثمة ، فسارا حتى بلغا مجمع البحرين، وهناك عين يقال لها عين الحياة، فناما هنالك، وأصاب الحوت من رشاش ذلك الماء، فاضطرب وكان في مكتل مع يوشع عليه السلام ، وطفر من المكتل إلى البحر، فاستيقظ يوشع عليه السلام، وسقط الحوت في البحر، فجعل يسير في الماء، والماء له مثل الطاق لا يلتئم بعده ، ولهذا قال تعالى : فاتخذ سبيله في البحر سربا أي مثل السرب في الأرض ....انتهى.

وفي حديث الصحيحين: قام موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. قال فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه أن عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى أي رب كيف لي به فقيل له: احمل حوتا في مكتل، فحيث تفقد الحوت فهو ثم، فانطلق وانطلق معه فتاه وهو يوشع بن نون، فحمل موسى عليه السلام حوتا في مكتل وانطلق هو وفتاه يمشيان حتى أتيا الصخرة، فرقد موسى عليه السلام وفتاه فاضطرب الحوت في المكتل حتى خرج من المكتل فسقط في البحر، قال: وأمسك الله عنه جرية الماء حتى كان مثل الطاق فكان للحوت سربا، وكان لموسى وفتاه عجبا، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ونسي صاحب موسى أن يخبره، فلما أصبح موسى عليه السلام قال لفتاه { آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا } قال: ولم ينصب حتى جاوز المكان الذي أمر به { قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا } قال موسى { ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا } قال يقصان آثارهما حتى أتيا الصخرة، فرأى رجلا مسجى عليه بثوب، فسلم عليه موسى فقال له الخضر: أنى بأرضك السلام، قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: إنك على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه .انتهى.

وراجع الفتوى رقم: 70598، في بيان مجمع البحرين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني