الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع لمن جمع الصلاة أن يذهب للمسجد لحضور الجماعة

السؤال

حين نكون مسافرين نجمع الصلاة جمع تقديم، ولكننا في وقت الثانية (العصر) أو (العشاء) التي قد جمعناها مع الأولى، نكون في الشقة ونسمع النداء للثانية، أو نكون قرب مسجد ونسمع الصلاة، فهل نترخص ونجلس في البيت لأننا قد أدينا الصلاة، أم يجب علينا أن نذهب للمسجد لنصيلها مع الجماعة ثانية على أن تكون نفلا، لحديث الرجلين الذين صليا في رحالهما وأمرهما الرسول بأن يصليا معه وتكون لهما نافلة.. ونحن نعلم أن الجمع فيه تيسير، ونحن قد جمعنا الصلاة تمتعا بالرخصة وتوفيراً للوقت، وإنجازا للأعمال، ولكن تبقى قلوبنا تؤنبنا لأننا نسمع النداء للصلاة ولا نصلي في المسجد، وخاصة عندما نكون مع أحد الزملاء في سيارته، فينزل هو للصلاة في المسجد ونبقى نحن في السيارة بحكم أننا قد صلينا الصلاة تقديما...، فما هو الحكم هنا هل يجوز ما نفعله، وهل هو حرام لتخلفنا عن الصلاة في المسجد لسماعنا للنداء، فهل في هذه الحالة تكون الصلاة في المسجد علينا واجبة رغم أدائنا للصلاة تقديما، وهل نأثم بعدم أداء الصلاة الثانية في المسجد لسقوطها عنا بالجمع.. أم أن ذلك فقط من باب الأولى والفضيلة، ويبقى ما نفعله لا إثم فيه... أفتونا مأجورين أحسن الله إليكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجمع بين مشتركتي الوقت الظهر والعصر والمغرب والعشاء تقديما في وقت الأولى، وتأخيراً في وقت الثانية رخصة على الراجح من أقوال العلماء، سواء أكان المسافر سائراً أو نازلاً، ولكنه وإن كان جائزاً فتركه وتفريق الصلوات أولى عند الإمكان، وذلك لوجهين، الأول: أن الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم هو التفريق وفعل كل صلاة في وقتها، وإنما جمع أحيانا لبيان جواز الجمع، الثاني: للخروج من خلاف من منع ذلك من أهل العلم، فالحنفية لا يجيزون الجمع إلا في النسك، والمالكية لا يجيزون الجمع للمسافر إلا أن يكون سائراً ووافقهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والخروج من خلاف العلماء أولى، والمسافر مرغب في حضور الجماعة. وانظر في ذلك وفي معرفة السفر المبيح للأخذ بهذه الرخصة الفتوى رقم: 27957.

فإن رغبتم في الترخص بالجمع فلا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا يلزمكم إعادة العصر إذا حضر وقتها وإن كنتم تسمعون النداء لأن ذمتكم قد برئت منها، فلم تعودوا مخاطبين بها، وقد جمعتموها إلى التي قبلها، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أداء الصلاة الواحدة في يوم مرتين. أخرجه أحمد وأبو داود.

وأما الحديث المذكور فليس له تعلق بمسألتكم، فإنه قد سيق لمن صلى في رحله أو بيته ثم أتى المسجد فإنه يصلي معهم وتكون له نافلة؛ كما هو لفظ الحديث: إذا صليتما في رحالكما وأتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة. وأما من كان ببيته أو بالطريق ولم يأت المسجد وحضرت الصلاة، وكان قد صلى فلا يشرع له إتيان المسجد.

والخلاصة أن جمعكم جائز، وتركه أولى، وعدم حضوركم الصلاة الثانية في المسجد لا إثم عليكم فيه لما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني