الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمان الإناث من الميراث وعدم تسويتهن بالذكور في العطية

السؤال

الوالدة حصلت على وكالة من الوالد في حياته و قامت بتسجيل قطعة أرض باسم إخواني وحرمتني أنا وأخواتي وبعد ممات الوالد تحاول حرماني أنا وأخواتي من باقي الأراضي، فماذا أفعل و كيف أقنعها لكي تعرف أن الله حق وتعطينا أنا و أخواتي حقنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان تسجيل قطعة الأرض الذي تم بموجب هذه الوكالة على سبيل الهبة من الوالد في حال كونه أهلا بالتبرع وتم ذلك يعلمه وإذنه، فالواجب في الهبة أن يتم العدل فيها بين الأبناء، ولا يجوز تخصيص الذكور بها دون الإناث بدون مسوغ معتبر شرعاً، ويجب رد الهبة الباطلة ولو بعد موت الواهب في قول بعض أهل العلم، وهذا هو المفتى به عندنا.

وراجعي في ذلك فتوانا رقم: 101286، وما أحيل عليه فيها .

أما إذا كان ذلك على سبيل الوصية فهي غير جائزة إلا بإجازة الورثة، وذلك لما رواه الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ولا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح . فإذا أجاز الورثة الوصية وكانوا بالغين رشداء جازت الوصية.

وراجعي في ذلك فتوانا رقم: 116293.

أما إذا كان تسجيل هذه الأرض تم بدون علم الوالد وإذنه أو في حال كونه ليس أهلا للتبرع فهذا يعتبر غصبا محرما وقد جاء فيه من الوعيد ما فيه.

وأما محاولة والدتك حرمانك أنت وأخواتك من نصيبكم من الميراث فهو من المحرمات، وقد قال الله تعالى بعد أن ذكر بعض أحكام الميراث في سورة النساء: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {13، 14} .

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: ( تلك حدود الله ) أي هذه الفرائض والمقادير التي جعلها الله للورثة بحسب قربهم من الميت واحتياجهم إليه وفقدهم له عند عدمه هي حدود الله فلا تعتدوها ولا تجاوزوها ولهذا قال : ( ومن يطع الله ورسوله ) أي فيها فلم يزد بعض الورثة ولم ينقص بعضها بحيلة ووسيلة بل تركهم على حكم الله وفريضته وقسمته (يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) أي لكونه غير ما حكم الله به وضاد الله في حكمه وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم . انتهـى .

فمنع الوارث من حقه في الميراث كبيرة من الكبائر. نقل ذلك المناوي في فيض القدير عن الحافظ الذهبي ، ونص على ذلك ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين .

فعليك أن تنصحي والدتك وتبيني لها حرمة ذلك وتذكريها بأن الدنيا متاع زائل، وعرض لا يدوم، ويمكنك الاستعانة في ذلك بأهل الخير والصلاح، وننبهك إلى أن ذلك لا يسقط حق الأم من البر والتعظيم فإن البر بالأم من الواجبات التي لا تسقط بما قد يقع من الأم من ذنوب ومعاصي .

ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها : 20432، 113382، 115765 ، 117431 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني