الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام التصوير في مختلف أنواعه

السؤال

هل الرسم باليد لذوات الأرواح حرام، وبناء عليه هل الرسوم المتحركة ومسلسلات الاطفال وألعاب الأطفال اليدوية والكمبيوترية (بلاي ستيشن)التي يكون فيها ذوات أرواح حرام؟ وهل مطالعة الجرائد والمجلات التي فيها صور فوتوغرافية حرام؟ مع العلم أني لا أتعمد النظر للصور أقرأ الأخبار فقط، وتقع عيني مرارا وتكرارا على الصور وأصرف بصري، وكذلك المحطات الفضائية خاصة الدينية هل تعتبر من التصوير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالتصوير نوعان: صور ليس فيها روح كالشجر وغيره فهذه مباحة، ولا يحرم اقتناؤها ولا تصويرها. صور فيها روح وهي قسمان: تصوير الصور المجسمة، تصوير الصور غير المجسمة.

أما تصوير الصور المجسمة فحرام -إلا ما ورد في اللعب بالبنات لصغار البنات من الرخصة في ذلك - بل هو كبيرة من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: لعن فاعله، ولعموم أحاديث النهي ومنها حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه أنه اشترى غلاما حجاما: فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور. وعن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صلى الله وسلم - أي عيسى- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق. قال النووي في شرح مسلم: وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره. قال القاضي: إلا ما ورد في اللعب بالبنات لصغار البنات من الرخصة في ذلك، لكن كره مالك شراء الرجل ذلك لابنته، وقال القسطلاني: وهذا الإجماع محله في غير لعب البنات. انتهى.

وأما تصوير الصور غير المجسمة فقسمان:

الأول: ما كان منها من قبيل الرسم باليد ولو بالآلة فهو حرام فيدخل في ذلك الرسوم المتحركة ومسلسلات الأطفال وألعاب الأطفال اليدوية والكمبيوترية (بلاي ستيشن) التي يكون فيها ذوات أرواح لعموم الأدلة في تحريم الصور. وبعض أهل العلم أباح ذلك للأطفال إذا كانت هادفة وخلت عن الموسيقى وعن القمار ونحو ذلك من المحظورات.

الثاني: ما كان منها من قبيل التصوير بالآلة كالفيديو والتلفزيون والكاميرا، فإذا خلا من المحاذير وضبط بضوابط الشرع وتعاليمه فلا بأس ولا حرج في ذلك، ويدخل في ذلك مطالعة الجرائد والمجلات التي فيها صور فوتوغرافيه لأن النظر حكم تابع للحل والإباحة، والتصوير بالآلة ( كالفيديو والتلفزيون والكاميرا) من المسائل المستحدثة التي لم يتناولها علماء الشريعة في الصدر الأول والقرون المتقدمة، ولذا اختلف فيها أهل العلم في العصر الحديث فمنهم من قال بتحريم الصور كالشيخ ابن باز رحمه الله ولم يفرق بين التصوير بالآلة وغيره، وقال الصورة بالآلة هي صورة يتناولها الوعيد وحكم التحريم لعموم الأدلة ونصوص التحريم الصحيحة والصريحة وللإجماع الذي نقله الإمام النووي وابن العربي والقاضي عياض في الصور المجسمة، ومنهم من أباح التصوير بالآلة كالصور المتلفزة والفيديو الكاميرا إذا ضبطت بضوابط الشرع وخلت من المحاذير الشرعية كأن لا يقصد منها تعظيم الصورة كتعليق صور الرؤساء والزعماء أو العودة إلى الوثنية والجاهلية الأولى أو المضاهاة بخلق الله، ولذا أجاز جمهور العلماء الصورة المصورة في البسط والفرش لامتهانها والتي توطأ ولا تعلق، وحرموا تعليق الصور على الجدران وحرموا اقتناءها أو الاحتفاظ بها للذكرى أو للزينة، وممن قال بالجواز عدد من المعاصرين كالشيخ ابن العثيمين والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وقال إن التصوير بالآلة من الوسائل التي لها أحكام المقاصد وليس فيها معنى المضاهاة وهي كالصورة في المرآة والماء؛ ولذا تتناولها الأحكام الشرعية الخمسة من الوجوب والحرمة والكراهة والندب والإباحة، فإذا كان لنشر الرذيلة والصور الفاضحة والعري والتبرج وتعليم الجريمة والفساد وزعزعة العقيدة فهي محرمة ويحرم النظر إليها ومطالعتها. وإذا كانت لنشر الدعوة الإسلامية وبيان محاسنها وأخلاقها وآدابها فهي واجبة كما في القنوات الدينية، ويباح النظر إليها، ومثل ذلك نقل أحداث غزة مثلا بالصوت والصورة، فكم لها من تأثير في بيان فضائح وجرائم اليهود وحث المسلمين على الوقوف بأيدي إخوانهم، فالصورة أصبحت في العصر الحديث أحد أدوات الحرب الإعلامية بين الخير والشر في الحرب والسلم والسياسة والاقتصاد وإحدى أدوات نقل العلوم في الطب وغيرها، ومع ذلك يبقى طريق الورع مسلكا يدخل منه النبهاء والعقلاء والأتقياء في قوله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. فيقتصر على مواضع الضرورة والحاجة والمصالح المعتبرة في الشرع كصور البطاقة الشخصية والجوازات وخصوصا عند تجاذب الأدلة وقوتها كما قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله وهو ممن قال بالجواز.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36084 ، 50894 ، 47907 ، 9755 ، 11367 ، 1935 ، 51638 ، 34634 ، 14116 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني