الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحزن على فراق الزوجة والعزوف عن الزواج بغيرها

السؤال

أما بعد بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي لكم هو:
توفيت زوجتي منذ سنة ولم أتزوج إلى الآن، فقد كنا متعلقين ببعضنا كثيرا، فقد كانت نعم الزوجة ولم أستطع نسيانها إلى حد الآن، فقد كانت مدة زواجنا اثنى عشر سنة، ولى أربعة أطفال منها، وأنا إنسان مؤمن -والحمد الله- وأقسم بالله أن ما أصابني قد زادني إيمانا والحمد لله.
فهل عصيت الله لأنني لم أتزوج إلى الآن، فأنا أعرف أنه لابد من الزواج، وهذه سنة الحياة، لكنني لا أستطيع في هذه الفترة على الأقل، لأنني لم أستطع نسيانها، فإنني مازلت أتذكرها وعيني تدمع إلى حد الآن، فأنا كما نوهت في السابق أن ما أصابني قد زادني تقربا إلى الله بالتزامي بالعبادات التي كنت مقصرا فيها كثيرا والحمد الله.
ولكن أريد أن أعرف هل أنا أعصي الله لأنني لم أنس زوجتي إلى حد الآن، فأنا لا أخفيكم أني أحبها ومتعلق بها كثيرا وكانت هي كذلك أيضا، فأريد النصيحة وهل أغضب الله بهذا التصرف علما بأنني أحاول كثيرا أن أتجاوز هذا ولم أفلح إلى حد الآن، فعندما أتذكرها فإنني أتألم كثيرا فأتجه إلى سماع القرآن لكي أستريح .
افتوني وانصحوني ؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يرحم زوجتك رحمة واسعة، وأن يغفر لها ذنوبها ويتجاوز عن سيئاتها برضاك عنها.

واعلم أيها السائل أن مجرد الحزن والبكاء على فقدان الحبيب أو القريب مباح ولا حرج فيه طالما التزم صاحبه الصبر والرضا، إلا أنه – مع ذلك - لا ينبغي المبالغة ولا الإفراط فيه، فإنه يعطل صاحبه عن القيام بمصالح الدين والدنيا، ويشغل القلب عما ينفعه.

فجاهد نفسك أن تتخطى هذه المرحلة، وأن تتجاوز هذه المحنة، وسل الله سبحانه أن يفرغ عليك صبرا، وأن يلهمك السلوان على بلواك, واستعن على ذلك بكثرة ذكر الله سبحانه والصلاة فقد قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ. {البقرة : 153}.

أما بخصوص حكم عزوفك عن الزواج فلا حرج عليك في ذلك ما دمت في حالة من الاستقرار النفسي ولا يزعجك أمر الزواج، ولا تخشى على نفسك فتنة النساء وغوائل الشهوة، فإن الزواج في هذه الحالة من جنس المباحات, والمباح مما يسع المكلف تركه بلا حرج. ولكن لا يستحب تركه أبدا فإن الزواج من سنن المرسلين وهدي النبيين كما قال سبحانه: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً. {الرعد: 38}.

أما إن خشيت على نفسك الفتنة أو الوقوع فيما حرمه الله فعند ذلك ينبغي المسارعة إلى الزواج ولا يسعك تركه لأنه يصير حينئذ واجبا.

وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 62986، 3011 21742 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني