الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل زاد بلال في أذان الفجر (الصلاة خير من النوم) من نفسه

السؤال

بلال رضي الله عنه زاد على الأذان بقوله: الصلاة خير من النوم، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم فعله. هل كان لبلال أو لأحد من الصحابة أن يزيد أو ينقص في أي عبادة، وهم يعلمون أن فيها التوقيف، علما أن الاذان سنة، ولكنه من شعائر المسلمين. جزاكم الله خيرا.
أسال هل هناك تقعيد فقهي للمسالة أم خصوصية لبلال في هذا؟ وهل ثبت على أحد الصحابة في غير هذا الموضع أنه زاد أحد على عبادة وأقرها النبي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث الذي أشرت إليه، وفيه زيادة بلال لفظ : الصلاة خيرٌ من النوم. لفظه:

أن بلالا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقيل هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. فأقرت في تأذين الفجر فثبت الأمر على ذلك. صححه الألباني في صحيح ابن ماجه، وورد ما يدل على أن تعليمَ بلال التثويب كان ابتداء من النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الصنعاني: روى الترمذي، وابن ماجه، وأحمد من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال: قال لي رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: لا تثوبنَّ في شيء من الصلاة، إلا في صلاة الفجر. إلا أن فيه ضعيفاً، وفيه انقطاع أيضاً. انتهى.

وأياً ما كان الأمر فليس في الحديثِ ما يفيدُ أن بلالاً زاد في الأذان ما لم يرد به توقيف من الشارع، وإنما غايةُ ما وقع أنه قال هذه اللفظة رداً على من أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم نائم ، ولم يرد بها التأذين أصلاً ، وإنما شُرع التأذين بها في صلاة الصبح من حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً بذلك ، فمشروعيتها إنما ابتدأت من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها ، لا من فعل بلال .

ونظيرُ ذلك من بعض الوجوه، أن عمر قال لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم { عسى ربه إن طلقكن..الآية}فنزل القرآن بموافقة قوله ، ولم يكن قوله قرآناً حتى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم .

وبه تعلم أن الحلال هو ما أحله الله ورسوله ، والحرام هو ما حرمه الله ورسوله ، والدين هو ما شرعه الله ورسوله ، وليس لأحدٍ أن يزيد أو ينقص في هذا الدين الذي كمله الله عز وجل ، لا بلالٌ ولا غيره .

ولو قُدرَ أن بعض الصحابة قال قولاً أو فعل فعلاً باجتهادٍ منه في زمن التشريع ، ثم أقره النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، فلا يكون قول القائل أو فعله تشريع ، وإنما التشريعُ في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكونُ في ذلك منقبةً لذلك الصحابي إذ وافق ما هو الصواب في نفس الأمر بقوله أو فعله، كما ثبت في صحيح البخاري وغيره: أن رجلاً قال : كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده . قال رجل وراءه : ربنا ولك الحمد حمدا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف قال: مَن المتكلم ؟ قال: أنا. قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول. ورواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه.

واعلم أنه ليس لأحدٍ أن يزيد في العبادات ما ليس منها، بزعم أنه يمكن أن يكون صواباً في نفس الأمر، لأن الدين قد كمل والشرع قد تم، فلا مجال للاستدراك عليه ، ولأن الذي كان يقر وينكر قد استأثر الله به فتوفاه صلوات الله وسلامه عليه، فمن أين يُعلم أن هذا الاجتهاد موافقٌ أو مخالف، وقد انسد هذا الباب فوجب الامتناع وترك الإحداث في الدين ، فكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني