الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اقتصار العروس على مسح الرأس للحفاظ على الزينة

السؤال

هل يجوز لعروس مسح رأسها كي لا تنقض زينة شعرها في الغسل لما في إعادته من كلفة ومشقة، مع حاجة العروس إلى هذه الزينة في الليالي المعتادة من الزواج، وقد نقل بعض الفقهاء المالكية جواز ذلك أفتونا مأجورين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في الفتويين رقم: 11451 ، 51426، أن المرأة يجب عليها غسل شعرها في الغسل من الجنابة، ولا يجزئها الاقتصار على مسحه، وليس ما ذكر من خشية نقض زينة الرأس بعذر مقبول يسوغ به العدول عن الغسل المأمور به شرعا، والاقتصار على مجرد المسح.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: أما الطهارة الكبرى: فلا بد أن تفيض عليه الماء ثلاث مرات، ولا يكفي المسح. انتهى.

وننبه ههنا إلى أن الشرع الحنيف قد رفع الحرج عن المكلفين، ومن ذلك أنه لا حرج على النساء البتة في غسل الجنابة، وليس في ذلك مشقة ولا تعسير، فإنما يكفي المرأة أن تفيض الماء على رأسها، وتعم شعرها بالغسل، ولا يجب عليها نقض ضفائرها، وهذا من يسر الشريعة وسماحتها.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: فعليه يرشد النساء اللاتي يتحرجن من غسل رءوسهن في الجنابة بأنه يكفيهن أن يحثين على رءوسهن ثلاث حثيات من الماء حتى يعمه الماء من غير حاجة إلى نقض ولا تغيير شيء من الزي الذي يشق عليهن تغييره، مع بيان ما لهن عند الله من الأجر العظيم والعاقبة الحميدة، والحياة الطيبة الكريمة الدائمة في دار الكرامة إذا صبرن على أحكام الشريعة وتمسكن بها. انتهى.

وقال أيضاً : إذا أفاضت المرأة على رأسها كفى؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالت: إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ: لا، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .انتهى

ومع هذا الذي سهله الله لعباده ويسره عليهم، فلا يجوز الترخص بأكثر منه مما لم ترد به النصوص، ثم إن النساء لم يزلن يتزوجن من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُنقل أنه ولا أحداً من أصحابه ولا التابعين لهم بإحسان رخص في المسح لمثل هذا العذر، وحديث أم سلمة المتقدم دليلٌ واضح في أنه لا بد من إفاضة الماء على الرأس في الغسل من الجنابة.

وأما ما ذُكر من أن بعض فقهاء المالكية أجاز ذلك، فهو صحيح ولكنه ليس هو المعتمد في المذهب، وقد ضعفه كثير من محققي المالكية، جاء في حاشية العدوي: وليس من الضرورة حال العروس، إذ يجب عليها نزع ما على شعرها من زينة أو غيرها، خلافا لمن رخص للعروس في سبعة أيام المسح على الحائل. انتهى.

والواجب على المسلم أن يتقيد بأدلة الكتاب والسنة، وألا يتبع رخص العلماء، والأقوال التي لا يُعول عليها. ونسأل الله أن يهدينا وسائر إخواننا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني