الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب لو خرج الجنين ميتا بسبب التأخر في إخراجه

السؤال

امرأة كانت حاملا و لم يكن هناك أطباء، أى أنها لم تكن تعلم أن لها توأما، فعندما جاءها المخاض أتت امرأة-قابلة-لتولدها وهي تظن أنه مولود واحد، وعندما ولد الأول انتظرت القابلة نزول المشيمة لكي تقص السرة، فوجدت يدا أخرى فحاولت أن تخرج المولود الثاني لكن الأم خافت ورفضت أن تلمسها فاستعانت القابلة بامرأة أخرى، وعندما تم إخراج الطفل كان قد تثاءب مرتين و مات، فالأم تسأل إن كانت هي المذنبة في موته لأنها لم تسمح لهم بلمسها، وهل تجب عليها الكفارة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكون المرأة المشار إليها تسببت في موت المولود أم لا؟ هذا يرجع فيه إلى أهل الخبرة في التوليد كالأطباء والقوابل. وهاهنا حالتان:

الأولى: إن أخبروا أن المولود خرج حيا ومات بسبب التأخر في إخراجه، وكانت المرأة هي التي منعتها من إخراجه فهي المتسببة، ومن تسبب في موت شخص لزمته ديته، والكفارة، والدية على عاقلة المتسبب، والكفارة عليه هو؛ كما فصلناه في الفتوى رقم: 24372.

والتثاؤب دليل على الحياة في قول بعض الفقهاء. جاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية: وتعلم الحياة مستقرة باستهلاله صارخا، أو بعطاسه، أو التثاؤب، أو التقام الثدي، أو نحو ذلك. انتهى.

فإذا ثبت أنها متسببة وكان المولود نزل حيا ثم مات، فإن عليها كفارة القتل الخطأ وهي المذكورة في قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ. {النساء:92}.

والكفارة تحرير رقبة مؤمنة، فإذا لم توجد فصيام شهرين متتابعين، والدية تدفع لورثة المذكور إذا لم يعفوا، فإن عفوا عنها سقطت، ولا تسقط الكفارة. وفي حالة عدم العفو تكون الدية على العاقلة ولا ترث الأم المتسببة في القتل منها شيئا.

الثانية: إن أخبرو أنه خرج ميتا وأن سبب موته التأخر في إخراجه وكانت الأم هي السبب في التأخر لمنعها القابلة من إخراجه فالذي يظهر أن الضمان هنا يكون غرة كدية الجنين إذا اعتدى عليه فسقط ميتا.

جاء في الموسوسة الفقهية: اتّفق الفقهاء على وجوب الغرّة في الجناية على الجنين إذا سقط وانفصل عن أمّه ميّتاً000 ويشترط في الجناية لوجوب الغرّة: أن يترتّب عليها انفصال الجنين عن أمّه ميّتاً، سواء أكانت الجناية نتيجة فعل أم قول، وسواء أكانت عمداً أم خطأً، ولا يختلف هذا الحكم فيما إذا كانت الجناية من الحامل نفسها أو زوجها أو غيرهما ، ففي كلّ هذه الحالات تجب الغرّة، والغرّة تكون عبداً أو وليدةً يبلغ مقدارها نصف عشر الدّية .

فالحاصل أنه إن خرج ميتا بسبب التأخر كانت على الأم الغرة، وحيث إنها غير موجودة الآن فالذي عليها هو عشر دية الأم، وهذا العشر عليها هي وليس على عاقلتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني