الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على المرأة تغطية شعرها عند دخول الحمام

السؤال

هل إذا دخلت المرأة الحمام للتبول يجب أن تغطي شعرها ؟ لأن إحداهن أخبرتني أنه يصدر رذاذ من البول يسبب الصلع وتقول إن ذلك حديث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يرد حديث صحيح يأمر الرجل أو المرأة بتغطية الشعر عند قضاء الحاجة، لا وجوبا ولا استحبابا، وإنما استحب بعض الفقهاء ذلك اعتمادا على حديث عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ غَطَّى رَأْسَهُ وَإِذَا أَتَى أَهْلَهُ غَطَّى رَأْسَهُ. رواه أبو نعيم في حلية الأولياء والبيهقي في السنن الكبرى، والحديث ضعفه البيهقي وابن عدي والنووي في الخلاصة وغيرهم، وفي إسناده راوٍ متهم بالكذب.

ورواه البيهقي في الكبرى مرسلا من وجه آخر، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ لَبِسَ حِذَاءَهُ وَغَطَّى رَأْسَهُ.

ولا يصح أيضا لكونه مرسلا، وأبو بكر بن عبد الله ، قال الذهبي: ضعيف .

وقال البيهقي عقب الحديث السابق: وَرُوِىَ فِى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلاَءِ عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ عَنْهُ صَحِيحٌ اهـ وأثر أبي بكر الصديق رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، باب: من كره أن ترى عورته. عن عروة عن أبيه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال وهو يخطب الناس: يا معشر المسلمين استحيوا الله عز وجل فو الذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء مغطيا رأسي استحياء من ربي.

قال النووي عقب كلام البيهقي: وقد اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال، ويعمل بمقتضاه وهذا منها. انتهى من المجموع.

والاتفاق المذكور في كلام الإمام النووي غير صحيح ففي المسألة خلاف قوي، ثم إن الحديث في إسناده محمد بن يونس الكديمي وهو متهم بالكذب، والعلماء لا يتسامحون فيمن روايته هكذا.

وخلاصة القول: أن الوجوب أو الاستحباب حكم شرعي لابد من وجود نص صحيح لإثباته، ولم يرد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فعل ذلك اقتداء بأبي بكر رضي الله عنه فلا حرج عليه.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:عن حكم دخول الحمام مكشوف الرأس؟

فأجاب بقوله : دخول الحمام مكشوف الرأس لا بأس به، لكن استحب الفقهاء تغطية الرأس عند دخول الخلاء. انتهى من مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن عثيمين .

وأما عن الرذاذ الذي يصيب بالصلع ...إلى آخر ما قالته إحداهن فلم نقف على مصدر يفيد ذلك، وإنما من استحب تغطية الرأس من الفقهاء ذكر بعض التعليلات:

فقيل: يغطي رأسه حياء من الله سبحانه وتعالى. وقيل: خَوْفَ أَنْ تَعْلَقَ الرَّائِحَةُ بِشَعْرِهِ، وَقِيلَ : لِأَنَّ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ أَجْمَعُ لِمَسَامِّ الْبَدَنِ وَأَسْرَعُ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ . وقيل: إن كشف الرأس حال قضاء الحاجة يصيبه مرض يقال له : اللوي يمنع الخارج.
والذي صح من التعليلات السابقة ما ذكره الصديق رضي الله عنه وهو الحياء من الله سبحانه وتعالى.

والواجب هو الخوف من النجاسة والحرص على عدم إصابة الملابس برذاذ البول، سواء أصح ما قالته إحداهن أم لم يصح.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني