الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشخص المنقول إليه قلب هل تتغير عقيدته تبعا للمنقول منه

السؤال

قرأت قصة على الإنترنت أن رجلا مؤمنا سافر إلي بلاد الكفر ليعالج فنقل له دم من شخص ملحد فصار ملحداً، وشخص نقلوا له قلبا من شخص ملحد فأحب زوجة الرجل الميت الذي أخذ قلبه وتزوجها وصار ملحداً مثله ولم يقبل عقلي ذلك ولكني أردت أن أسأل علماء الدين، فأفتوني؟ بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء لا يقبل كلام في مثل هذه المسائل من غير الأمناء من أهل الاختصاص، ثم إن مسألة تغيير الديانة بسبب نقل الدم أمر يكذبه الواقع المستفيض..

وأما مسألة أثر نقل القلب من إنسان لآخر فقد قال الدكتور خالد السبت في سلسلة أعمال القلوب: قد يسأل بعضكم: لو قطع قلب إنسان ثم وضع له قلب إنسان كافر فهل معنى ذلك أن هذا الإنسان سيتحول إلى عقيدة ذلك الكافر فيكون كافراً مثله؟ الجواب: لا.. والطب الحديث له تجارب في ذلك لربما قطع قلب الإنسان مدة من الزمان ثم أعمل فيه محل هذا القلب مؤقتاً آلة تضخ الدم ريثما يوضع له قلب آخر، وهذا شيء سمعته من بعض الأطباء المشتغلين بطب القلوب، وأيضاً جرب الأطباء استبدال القلب، لربما نزعوا قلب رجل ووضعوا فيه قلب رجل آخر فماذا كانت النتيجة؟ قرأت في بعض التحقيقات والتقريرات الطبية في ذلك يقولون: إن الإنسان يعيش مدة محدودة ثم هو لا يكاد يتكلم ويتصرف ويعبر عن مكنوناته كما كان قبل ذلك، وإنما يغلب عليه لربما شيء من السكون والركود، ومن ثم لا يعرف كثيراً مدى التغيير الذي حصل له بسبب تغير هذا القلب، والتأثر الذي ناله من صاحب ذلك القلب الذي نقل إليه.

والذي أظنه والله تعالى أعلم هو أن الإنسان لا يتحول من الإيمان إلى الكفر، أو العكس أو غير ذلك إذا نقل إليه قلب إنسان آخر، فلو جئنا بإنسان كافر ووضعنا له قلب إنسان مؤمن فإن هذا الكافر إن قدر له أن يعيش ولو مدة محدودة فإنه لا يتحول إلى إنسان مؤمن، وإنما يبقى على كفره، وتبقى له أرجاسه وأدناسه، وهكذا لو عكسنا القضية، ولكن لا يبعد أن يتأثر صاحبه بعض الأثر، كيف لا والإنسان يتأثر بالمخالطة والنظر، ويتأثر بما يسمع ويتأثر بالشم كما يتأثر بما يأكل، فأكل الحلال يؤثر بالإنسان كما يؤثر أكله الحرام في قلبه، كما أن اللغة أيضاً تؤثر في عقله وقلبه... هذا خلاصة ما أظنه في هذه المسألة التي طالما سأل الناس عنها، وهذا يدل على أن القضية ترتبط بهذا العضو الصنوبري، ولكنه ليس هو القلب وحده وإنما يتعلق به أمر معنوي يتعلق به تعلقاً مباشراً، ولهذا قال بعضهم عن القلب: هو نور وضعه الله طبعاً، وغريزة يبصر به ويعبر به فهو نور في القلب كالنور في العين الذي هو البصر، فالعقل نور في القلب والبصر نور في العين.. هكذا قال بعض العلماء. -انظر مفهوم العقل والقلب ص 266- وبغض النظر عن عبارة هذا القائل إلا أنه لا شك أن هذه القطعة يتعلق بها أمر معنوي والدليل عليه هو الواقع الذي نشاهده. انتهى.

وقد سبق الكلام بالتفصيل عن حكم نقل الأعضاء والتبرع بها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4005، 11667، 1500، وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 12107.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني