الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وقف المال على الأيتام بشرط رجوعه بعد بلوغهم

السؤال

خصصت مبلغا من المال كوقف لكفالة أيتام، والكفالة تكون مستمرة حتى بلوغهم:
1- هل تجب زكاة على هذا المال؟
2- مع العلم أن هذا المال موجود في حساب توفير في بنك إسلامي, فما حكم الأرباح السنوية له؟ هل أتصدق بها أم هي من حق الأيتام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجوابُ هذه المسألة ينبني على نقطتين:

الأولى: أن الوقف لا يصح إلا مُنجّزاَ، وأما الوقف المؤقت فإنه يبطل، وقيل يصحُ الوقف ويبطل التوقيت، والأول هو الصحيح.

قال في مغني المحتاج: ولو وقف بشرط الخيار لنفسه في إبقاء وقفه والرجوع فيه متى شاء أو شرطه لغيره أو شرط عوده إليه بوجه ما كأن شرط أن يبيعه أو شرط أن يدخل من شاء ويخرج من شاء بطل على الصحيح، ومقابل الصحيح يصحُ الوقف ويلغى الشرط كما لو طلق على أن لا رجعة له. انتهى بتصرف.

وقال في الروض المربع: الشرط الرابع أي من شروط صحة الوقف أن يقف ناجزا فلا يصح مؤقتا ولا معلقا إلا بموت، وإذا شرط أن يبيعه متى شاء أو يهبه أو يرجع فيه، بطل الوقف، والشرط قاله في الشرح. انتهى.

وعلى هذا، فإذا كنتِ شرطتِ أن يرجع إليكِ هذا المال بعد بلوغ أولئكَ الأيتام، فالوقفُ باطل والمالُ مملوك لكِ، تجبُ عليكِ زكاته على رأس كل حول، ونماؤه كذلك مِلكٌ لكِ، فتصرفينه كما تشائين.

وأما إذا لم تكوني قد اشترطتِ هذا الشرط، أو حكمنا بصحة الوقف وبطلان الشرط كما هو مقابل الصحيح عند الشافعية، فالوقفُ لمن وقف عليه، ونماؤه تابعٌ له، فيكونُ وقفاً كذلك.

الثانية: في صحة وقف الدراهم والدنانير خلافٌ معروفٌ بين العلماء، راجعي ذلك في الفتوى رقم: 14835، ومثلها النقود المعاصرة، فإن قُلنا بعدم صحة وقفها فالمال مملوك لكِ، وزكاته واجبةٌ عليكِ، ونماؤه تابعٌ لكِ على ما تقدم. وإن قُلنا بصحةِ وقفها، فالمالُ لمن وقف عليه، ونماؤه تابعٌ له.

وعلى هذا القول ففي وجوب زكاة هذا المال الموقوف قولان، أصحهما عدمُ وجوب الزكاة فيه فيُصرف على الأيتام. والصحيحُ إن شاء الله صحة وقف الدراهم والدنانير إذ لا يمنعُ من ذلك نصٌ ولا إجماع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فقال أبو بكر عبد العزيز في " الشافي ": نقل الميموني عن أحمد: أن الدراهم إذا كانت موقوفة على أهل بيته ففيها الصدقة وإذا كانت على المساكين فليس فيها صدقة. قلت: رجل وقف ألف درهم في السبيل ؟ قال: إن كانت للمساكين فليس فيها شيء. قلت: فإن وقفها في الكراع والسلاح ؟ قال: هذه مسألة لبس واشتباه. قال أبو البركات: وظاهر هذا جواز وقف الأثمان لغرض القرض أو التنمية والتصدق بالربح كما قد حكينا عن مالك والأنصاري. انتهى.

وأما أرباح البنوك الإسلامية وضوابط الاستثمار فيها فقد بيناها في الفتوى رقم: 23577.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني