الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد جوابا شافيا لهذه المسألة: أحب أن ألي الإمام في الصلاة بدليل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى . ونظرا لقلة أهل العلم في مسجدنا حيث صار العامة والجهال هم الذين يقفون خلف الإمام، ولا يعرفون حتى إقامة الصلاة، ونحن نتخلف بحجة أن التبليغ خلف الإمام بدعة يجب الابتعاد حتى لا نشارك فيها . فما هو القول الفصل فيها؟ هل نستجيب للإمام ونبلغ خلفه رغم أنه يستعمل مكبر الصوت ؟ أم نبقى بعيدين عنه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ننصحكم به هو الحرص على الوقوف في الصف الأول، وترك الاستجابة لهذا الإمام الذي يأمرُ من خلفه بالتبليغ عنه لغير حاجة، ثم عليك أن تناصح الإمام ، وتبين له أقوال العلماء في كراهة التبليغ لغير حاجة، وأنهم متفقون على ذلك، بل منهم من أبطل الصلاة بفعله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام لغير حاجة باتفاق الأئمة، فإن بلالا لم يكن يبلغ خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو ولا غيره، ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين ، لكن لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس مرة وصوته ضعيف ، وكان أبو بكر يصلي إلى جنبه يسمع الناس التكبير ، فاستدل العلماء بذلك على أنه يشرع التكبير عند الحاجة مثل ضعف صوته، فأما بدون ذلك فاتفقوا على أنه مكروه غير مشروع ، وتنازعوا في بطلان صلاة من يفعله على قولين ، والنزاع في الصحة معروف في مذهب مالك وأحمد وغيرهما . غير أنه مكروه باتفاق المذاهب كلها ، والله أعلم. انتهى .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: فإذا احتيج إلى التبليغ لسعة المسجد وكثرة الجماعة أو لضعف صوت الإمام لمرض أو غيره ، فإنه يقوم بعض الجماعة بالتبليغ ، أما إذا كان الصوت واضحا للجميع ولا يخفى على أحد في الأطراف ، بل علم أن الجميع يسمعه فليس هناك حاجة للتبليغ ولا يشرع. انتهى .

فإن تولى هذا التبليغ غيرك مع المناصحة فلا حرج عليك، ولا يدعوك هذا إلى ترك القيام في الصف الأول، فإنه لا يلزمُ من وقوفك في الصف الأول أن تتولى التبليغ عن الإمام.

فإن حال الإمامُ بينكم وبين الوقوف في الصف الأول إلا بشرط التبليغ عنه ، وكان في مخالفته مفسدةٌ راجحة ، فلا نرى لكم أن تُدخلوا أنفسكم في خلاف أهل العلم ، فإن منهم من أبطل صلاة من يبلغ عن الإمام لغير حاجة كما تقدم في كلام شيخ الإسلام رحمه الله ، فتركُ الوقوف في الصف الأول أيسرُ من الدخول في هذا الخلاف ، وفعل ما اتفق على كراهته، ولو أمكنكم الصلاة في مسجد آخر لا توجد فيه هذه المخالفة فصلاتكم فيه أولى .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني