الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

مات والدي منذ 8 سنوات، وترك لنا العقار الذي نسكن به، وعقارين صغيرين آخرين، ومحلا هو مصدر رزقنا وعيشنا. ولكن هذا المحل مكتوب باسم إخوتي الذكور وذلك فقط ليتمكنوا من توريثه لأولادهم حسب قوانين الإيجار الجديدة, الورثة الشرعيون هم: الزوجة، وولدان، وبنتان، والجدة. ونظراً لكونها عقارات وليست نقودا اتفقت أمي مع الجدة على إعطائها مبلغا من المال كل شهر 300 جنيه وقتها، وبعد فترة وجدنا إعلان محكمة منها بخصوص ميراثها فتضايقت والدتي من هذا الموقف ورفضت دفع النقود لها إلا بإيصالات طالما أنها رفعت قضية، فرفضت جدتي ومن وقتها توقفت أمي عن دفع هذه النقود لها، وبعد انتهاء المحاكم منذ سنة حكمت لها المحكمة بريع قدره 115 جنيها كل شهر وذلك فقط عن العقارات لأن المحل لا يعتبر لها فيه إرث.
السؤال: هل يجب اعتبار المحل كسائر العقارات وتوريثنا كلنا فيه بغض النظر عن كونه باسم الولدين؟ وكيف يحدث ذلك هل بتقسيم مبلغ كل شهر علينا كلنا أم نقوم بتثمينه ويأخذ كل منا نصيبه؟ وهل يأثم والدي على كتابته لهم؟
السؤال الآخر هو: كيف نوزع التركة فيما بيننا؟ فمنذ وفاة والدي ولم يكن أحدنا بلغ سن الرشد, أمي تقول عندما تتزوجون جميعا سنقوم بتوزيع الباقي، مع العلم بأن زواج الولد ليس كالبنت فالولد يتكلف أشياء أكثر بكثير أهمها الشقة، أما أنا وباعتباري البنت الكبرى فكل ما تكلفته فى زواجي كان 20 ألف جنيه، فكيف نقسمها هل من وقت الوفاة، أم بعد بلوغ أصغر واحد فينا سن الرشد أم حقا بعد زواجنا جميعا؟ وهل يجوز اعتبار المبلغ المأخوذ للزواج من الميراث ثم نتحاسب فيما بعد على أساس ذلك؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء لم يتبين لنا المقصود بقول السائلة- ليتمكنوا من توريثه لأولادهم حسب قوانين الإيجار الجديدة-والذي يمكننا قوله هو أن كتابة الوالد للمحل باسم أبنائه الذكور هذه الكتابة لا عبرة بها، ولا يصير بها المحل ملكاً للورثة، لأنه إن كتبه باسمهم على أن يأخذوه بعد مماته فهذه وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعاً ولا تمضي إلا بإذن الورثة، كما فصلناه في الفتويين رقم: 120499، 119764.

فإذا لم يرض الورثة رجع المحل إلى الميراث واقتسمه الورثة القسمة الشرعية، وإن كان الوالد كتب المحل باسم الأبناء وأعطاهم إياه في حياته فهذه هبة، ولكنه إن لم يكن أعطى للبنات ما يتحقق به العدل الواجب بين الأولاد -ذكوراً وإناثاً- فإن الهبة باطلة، ويرد المحل إلى التركة بعد مماته على الصحيح من أقوال الفقهاء في المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 6242.

وفي كلا الحالين لا يكون المحل للأبناء، ويدخل في جملة التركة التي يتقاسمها الورثة، وأما اتفاق الأم مع الجدة على أن تدفع لها حقها الشهري على أقساط، فإن كان المقصود أن ذلك القسط الشهري هو نصيب الجدة من الإيجار الشهري للعقار الموروث فهذا لا حرج فيه، وإن كان المقصود أنها تعطى حقها من التركة ككل على أقساط، فالأصل أن الجدة تأخذ حقها كاملاً من غير أقساط، وكون التركة عقارات لا يبرر منعها من التملك في العقارات -بحسب نصيبها الشرعي- ولكن لو كانت الجدة رشيدة ورضيت بذلك طائعة مختارة فلا حرج في ذلك الاتفاق، بشرط أن يحدد نصيبها كاملاً من التركة، وتحدد كل المدة التي ستستغرقها الأقساط.

وأما كيفية تقسيم المحل فيقسم بينكم القسمة الشرعية، ويملك كل واحد منكم فيه بقدر نصيبه الشرعي.

وإذا كان مؤجراً فإنكم تقتسمون إيجاره على الأنصبة الشرعية من الميراث، وإذا أردتم بيعه فتقتسمون ثمنه على الأنصية الشرعية أيضاً، وبإمكانكم أن يبيع بعضكم حصته للآخرين، والأمر في هذا سهل.

وأما كيف توزع التركة بينكم فإن كان والدكم توفي عن زوجة، وابنين، وابنتين، وأم ، ولم يترك وارثاً غيرهم. فإن لزوجته الثمن، ولأمه السدس، والباقي يقسم بين الابنين والبنتين للذكر مثل حظ الأنثيين. فتقسم التركة على (144) سهماً، للزوجة ثمنها (18) سهماً، وللأم سدسها (24) سهماً، ولكل ابن (34) سهماً، ولكل بنت (17) سهماً، والعبرة بالتركة التي تقسم هي تركة الميت فإذا أخذت الأم نصيب وارث وأعطته لوارث آخر بحجة الإنفاق والزواج فهي ضامنة ويلزمها رده، وليس لها أن تتصرف بهواها، ولا يجوز لها أن تزوج أحداً من الورثة بمال أو ببعض مال الوارث الآخر، ولا يحق لأمكم منعكم من قسمة التركة حتى تتزوجوا، وليس لها أصلاً حق التصرف في نصيب الورثة سواء من كان منهم دون سن الرشد أو من كان بالغاً رشيداً، إلا أن تكون وصية على القاصرين من قبل الأب قبل مماته، لأن من كان دون سن الرشد يتولى التصرف في ماله وصي الأب، فإن لم يكن فجدهم، فإن لم يكن فالحاكم على تفصيل ذكرناه، في الفتويين رقم: 28545، 107179.

ومن كان بالغاً رشيداً فهو ولي نفسه ولا يحجر عليه في التصرف في ماله إلا من قبل القضاء الشرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني