الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قسمة تركة الزوج ولمن تكون الحضانة بعد موته

السؤال

أختنا توفي زوجها بعد أقل من عام على زواجهما بعد مرض مفاجيء، وتركها حاملا في شهرها الأخير. أختي ولدت مولودا ذكرا بعد خمسة أيام من وفاة زوجها، وطبعا انتهت عدتها بوضعها للمولود. الزوج ليس له ولد غير هذا المولود، و له زوجة واحدة هي أختنا وأبوه وأمه على قيد الحياة. لنا عدة أسئلة نأمل أن يتسع صدركم لها وهي مهمة لإحقاق الحق:
1- كانت أختنا تسكن مع زوجها في شقة أخبرها( قبل وفاته) أن والده سجلها باسمه(أنكر أبو المتوفى ذلك) وهي تقع في بيت والده المكون من عدة طوابق باسمه، وتحتوي على أثاث(معظمه أحضره الزوج و بعضه الزوجة) وأدوات منزلية ومفارش وملاحف (معظمها أحضرتها الزوجة بحسب العادة الاجتماعية في بلدنا).
2.بعد الوفاة وعودتها لبيت والدها أخذت أختنا ما أحضرته معها عند زفافها كهدية من والدنا، كما أخذت صور فرحهما .
3.يملك الزوج سيارة.
4.لم يدفع الزوج مؤخر الصداق الخاص بها .
5.ليس على الزوج ديون لأحد. و لم يوص بشيء معين على حد علم أختنا.
6.هيئة الضمان الاجتماعي في بلدنا تصرف راتبا بعد وفاة الموظف.
الأسئلة هي:
•كيف يقسم الميراث؟
•هل يدخل أثاث البيت الذي أحضره الزوج وملابس الزوج من ضمن الميراث أم تأخذه الزوجة؟
•هل يقسم راتب الضمان بحسب اللوائح و القوانين الخاصة بهيئة الضمان أم بحسب الشرع؟
•عمر المولود الآن خمسة شهور ولا تمانع أختنا أو والدينا أن يزوره أهل والده ويصلوه في أي وقت في بيتنا ولكنها لا تريد إرساله لبيت جده لصغر سنه، ولأنها لا تأمن عليه عندهم. فهل من حقها الامتناع عن إرساله؟
• لو طلب جده أو جدته أخذه لبيته عندما يصير عمره سنتين أو ثلاث سنوات أو أكثر) فهل من حقهم هذا أم تستطيع أختنا الامتناع عن إعطائه وإخبارهم أن يأتوا لزيارته متى شاءوا (مع التأكيد أنها لا تنوي قطعه من أهله وإنما أن يكون الولد في صغره و قبل بلوغه تحت بصرها حرصا على مصلحته).
إلى متى يستمر حق الأم في الحضانة لصغيرها؟
• لو تزوجت أختنا فإن الحضانة ستنتقل إلى أمنا، فهل من الممكن أن تتنازل أمنا عن الحضانة لأختنا بعد زواجها إذا رضي زوجها بوجود الطفل معها وهل من حق الجد(والد الزوج) أو أعمامه الاعتراض على ذلك؟
نستميحكم عذرا على كثرة الأسئلة، ولكن الوضع شديد الحساسية، ونحن نريد التصرف بحسب ما شرع الله، ولا نريد أن نظلم أحدا. نرجو أن تكون الإجابة واضحة لأننا نريد طباعتها وعرضها على جميع الاطراف المعنية علما بأن المذهب المتبع في بلادنا هو المذهب المالكي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما عن كيفية قسمة الميراث، فإن من توفي عن أب وأم وزوجة وابن فإن لأبيه السدس ولأمه السدس لقول الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11} ولزوجته الثمن لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12} والباقي لابنه تعصيبا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر .. متفق عليه.

فتقسم التركة على 24 سهما؛ للأب سدسها 4 أسهم، وللأم سدسها 4 أسهم، وللزوجة ثمنها 3 أسهم، والباقي 13 سهما للابن. ويدخل في التركة كل ما كان يملكة الزوج في حياته من سيارة وملابس وأدوات منزلية وأثاث وغير ذلك، وما أحضره الزوج من أثاث إلى البيت هو من جملة التركة، إلا أن يكون أهداه لزوجته وقامت البينة على حيازتها له قبل وفاته فإنه لا يدخل التركة. وما أحضرته الزوجة واشترته هي من مالها الخاص فهو ملك لها ولا يدخل في التركة، وكذا ما أهدي لها من زوجها إذا حازته قبل وفاته كما تقدم.

وأما عن راتب الضمان الاجتماعي فينظر إن كان منحة من قبل الحكومة وخصصته للزوجة وابنها فهو لهما دون غيرهما، وإن كان عبارة عن مستحقات اقتطعت من راتب الميت أو نهاية خدمة فهو تركة يقسم بين جميع الورثة القسمة الشرعية. وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 9045.

وما ذكرته من أن الزوج أخبر زوجته أن والده كتب البيت باسمه وأن الوالد أنكر، فمجرد كتابة البيت باسم الابن لا يصير بها البيت ملكا له، لأنه بذلك يكون هبة من والده ، والهبة لا تصير لازمة حتى يحوزها الموهوب له بحيث يصير يتصرف فيها تصرف المالك مع ثبوت ذلك بالبينة، ولا يكفي مجرد الدعوى.

وأما حضانة الطفل والامتناع من إرساله إلى بيت جده، فمعلوم أن حضانته لأمه، وليس لها منع جده من رؤيته وأخذه نهارا- إذا أمنت عليه من الضرر- إلا أن لها الحق في منعه من المبيت عندهم، فالطفل المحضون يبيت عند حاضنه. وانظر الفتوى رقم: 117932 .

وأما انتهاء مدة الحضانة، فحضانة الغلام تنتهي إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ سبع سنين خير بين أبويه، فكان مع من اختار منهما، ومتى اختار أحدهما فسلم إليه، ثم اختار الآخر رد إليه، فإن عاد فاختار الأول أعيد إليه، وهكذا لا يمنع من الانتقال بينهما، والجد وسائر العصبات مثل الأب، فإذا كان الأب ميتا والجد موجودا خير الغلام بين أمه وجده وهذا قول الحنابلة.

قال ابن قدامة في المغني : فإن كان الأب معدوما أو من غير أهل الحضانة وحضر غيره من العصبات كالأخ والعم وابنه قام مقام الأب فيخير الغلام بين أمه وعصبته لأن عليا رضي الله عنه خير عمارة الجرمي بين أمه وعمه ولأنه عصبة فأشبه الأب. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 6256 . حول أقوال الفقهاء في الأحق بالحضانة وإلى أي عمر تستمر، وإذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة وانتقل إلى أم الأم كما بيناه في الفتوى رقم: 77142. وإذا تنازلت أم الأم عن حقها فإن الحضانة لا تنتقل إلى من تريد هي بل إلى من يلي الجدة في الترتيب الذي ذكرناه في الفتوى المشار إليها آنفا، وليس للجدة أن تتنازل عن حقها في الحضانة إلى أم الولد بعد زواجها إلا إذا رضي من له حق الحضانة بعدها وسائر من لهم الترتيب.

قال صاحب الزاد: وإن امتنع من له الحضانة منها أو كان من له الحضانة غير أهل للحضانة انتقلت إلى من بعده . انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني