الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا رأى الحكمان التفريق بالضرر فهل يلزم وجود بينة عليه

السؤال

إذا عين حكمان لزوجين، فهل يجب على الحكمين إثبات الضرر بالأدلة، أو يكفي قناعتهما بالضرر دون دليل ؟ وإذا قررا التفريق للضرر دون دليل واضح، فهل يجوز تحميل الزوج المهر والمتعة ونفقة العدة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء في صفة الحكمين الذين يبعثان عند خوف الشقاق بين الزوجين، هل هما وكيلان عن الزوجين أو حاكمان؟ جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ وَكِيلاَنِ عَنِ الزَّوْجَيْنِ، لاَ يُبْعَثَانِ إِلاَّ بِرِضَاهُمَا وَتَوْكِيلِهِمَا وَلاَ يَمْلِكَانِ التَّفْرِيقَ إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّهُمَا حَاكِمَانِ يَفْعَلاَنِ مَا يَرَيَانِ أَنَّهُ الْمَصْلَحَةُ ، وَكَّلَهُمَا الزَّوْجَانِ أَوْ لَمْ يُوكِّلاَهُمَا. اهـ

فمن يقول إنهما وكيلان لا يجعل لهما الحق في التفريق بين الزوجين إلا برضاهما، وأما من يقول إنهما حاكمان، فإنه يرى لهما الحقّ في التفريق إن رأيا المصلحة في ذلك.

وعلى هذا القول، فإنهما إذا رأيا التفريق للضرر، فإنّه لا يجوز لهما الحكم بغير بينة، بل لا بد أن يكون قد ثبت الضرر عندهما بالأدلة المعتبرة شرعاً، لكنّ المقصود بالبينة هو كلّ ما يبين الحقّ ويظهره، فيكفي في ذلك مثلاً إخبار ثقة واحد، قال الخطيب في شرح المنهاج (شافعي): وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ , وَأَشْكَلَ الأَمْرُ بَيْنَهُمَا تَعَرَّفَ الْقَاضِي الْحَالَ الْوَاقِعَ بَيْنَهُمَا بِثِقَةٍ وَاحِدٍ يَخْبُرُهُمَا, وَيَكُونُ الثِّقَةُ جَارًا لَهُمَا, فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَسْكَنَهُمَا فِي جَنْبِ ثِقَةٍ يَتَعَرَّفُ حَالَهُمَا ثُمَّ يُنْهِي إلَيْهِ مَا يَعْرِفُهُ, وَاكْتَفَى هُنَا بِثِقَةٍ وَاحِدٍ تَنْزِيلا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الرِّوَايَةِ لِمَا فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْعُسْرِ , وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِي الثِّقَةِ أَنْ يَكُونَ عَدْلَ شَهَادَةٍ بَلْ يَكْفِي عَدْلُ الرِّوَايَةِ . وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلامِهِمْ اعْتِبَارُ مَنْ تَسْكُنُ النَّفْسُ بِخَبَرِهِ ; لأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لا الشَّهَادَةِ. اهـ

مع التنبيه على أنّه يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين عالمين بأحكام النشوز.

أما عن إلزام الزوج بالمهر والمتعة ونفقة العدة، فهذه الأمور تابعة للطلاق، فحيث حصل الطلاق وجبت على الزوج وفق أحكامها المختصة بها. كما يجب على المرأة ما حكما عليها من خلع.

وللفائدة راجع الفتوى رقم: 57926.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني