الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المسافر الذي عزم على الإقامة بعد تردده هل يقصر أم يتم

السؤال

أنا مسافر سفراً لا أعلم متى ينتهي لأنه متعلق بإنجاز عمل معين متى ما انتهى العمل عدت، وفي هذه الحالة أنا آخذ بالفتوى التي تقول بالقصر إلى العودة من السفر مهما طالت المدة على فعل بعض الصحابة في أذربيجان. لكن سؤالي هو: إذا كنت قد تيقنت في أثناء هذا السفر أن العمل سوف يتم إنجازه في اليوم الفلاني، وسأعود بعد الإنجاز بيوم ماذا أفعل هل أترك القصر مباشرة بعد تيقني من موعد العودة أم أقصر أربعة أيام إضافيه ثم أتم على اعتبار أني بدأت سفراً جديداً ومدته معلومة لي على المذهب الذي يقول أن الذي يريد أن يسافر فوق أربعة أيام له أن يقصر أربعة أيام ثم يتم وهذا المذهب الذي آخذ به عند علمي بمدة سفري التي تكون فوق أربعة أيام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهب جمهور العلماء أن من عزم على الإقامة ببلد أكثر من أربعة أيام انقطع عنه اسم السفر، وصارت له جميع أحكام المقيمين، وانظر لذلك الفتوى رقم: 115280.

وليس له أن يقصر مدة أربعة أيام ثم يتم بعدها، بل هو مقيم من وقت نيته الإقامة أكثر من المدة المبيحة للقصر، فما تفعله إذا نويت الإقامة أكثر من أربعة أيام من كونك تقصر أربعة أيام ثم تتم بعدها خطأ ظاهر، وليس هو مذهباً لأحد من أهل العلم فيما نعلم، قال الشيخ ابن باز رحمه الله:

ومتى عزم المسافر على الإقامة في مكان أكثر من أربعة أيام فالواجب عليه ألا يقصر، بل يصلي الرباعية أربعاً، وهو قول أكثر أهل العلم، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فالقصر أفضل. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح زاد المستقنع:

قوله: أو نوى إقامة أكثر من أربعة أيام. فإذا نوى المسافر إقامة أكثر من أربعة أيام في أي مكان كان، سواءً نوى الإقامة في البر أو نوى الإقامة في البلد فيلزمه أن يتم. كرجل سافر إلى العمرة ونوى أن الإقامة في مكة أسبوعاً فيلزمه الإتمام، لأنه نوى إقامة أكثر من أربعة أيام ومثال الإقامة في غير البلد: رجل مسافر انتهى إلى غدير فأعجبه المكان فنزل وقال: سأبقى في هذا المكان خمسة أيام فيلزمه أن يتم، لأنه نوى إقامة أكثر من أربعة أيام. انتهى.

ومن لم يجمع إقامة معينة، بل كان يقول اليوم أخرج غداً أخرج، وكان انقضاء حاجته محتملاً فيما دون المدة المبيحة للقصر، فإنه يقصر أبداً، وإن قام سنين. قال ابن قدامة في المغني:

وجملة ذلك أن من لم يجمع الإقامة مدة تزيد على إحدى وعشرين صلاة فله القصر ولو أقام سنين مثل أن يقيم لقضاء حاجة يرجو نجاحها، أو لجهاد عدو، أو حبس سلطان، أو مرض، وسواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة في مدة يسيرة أو كثيرة بعد أن يحتمل انقضاؤها في المدة التي لا تقطع حكم السفر قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر ما لم يجمع إقامة وإن أتى عليه سنون. انتهى.

وبهذا تعلم أنه يجوز لك القصر في سفرك هذا ما لم تجمع إقامة أكثر من أربعة أيام، سواء غلب على ظنك أن حاجتك تنقضي قبل مرورها أو لا، فإن نويت الإقامة أكثر من هذه المدة وجب عليك الإتمام من وقت نية الإقامة لزوال اسم السفر عنك.

هذا ونحب أن ننبهك إلى أن الصلاة الرباعية التي قصرتها حيث لا يجوز القصر، إذ كنت تقصر في الأربعة أيام الأولى، ثم تتم بعد ذلك، هذه الصلوات دين في ذمتك، لأنها لم تقع على الوجه المأمور به شرعاً، فيجب عليك قضاؤها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.

هذا هو مذهب الجمهور خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن من ترك شرطاً من شروط الصلاة أو ركناً من أركانها جاهلاً ثم خرج الوقت لم تلزمه الإعادة وقول الجمهور أحوط، وانظر لذلك الفتوى رقم: 114133.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني