الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلقها بدون سبب وأخرجها من البيت وادعى تنازلها عن مؤخر الصداق

السؤال

طلقني زوجي بدون أي سبب، وأخرجني من داري ظلما بعد زواج دام خمسة أشهر، لم يكن لي ذنب في هذا الطلاق إلا أنه أراد التملص من مسؤولية الزواج لكونه لديه زوجة ثانية، وكان زواجه نزوة، فهل عليه عقوبة خصوصا أنه لم يعطني حتى مؤخر الصداق، وحلف في المحكمة كذبا أني متنازله عن مؤخر الصداق. فماهي عقوبة من يفعل ذلك في الدنيا والآخرة بالنسبه للطلاق والحقوق المترتبه عليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما تطليق الرجل لزوجته بدون سبب ولا حاجة فإنه مكروه، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 61804. ولكن لا يلحقه من ذلك إثم، لأن الطلاق حق للرجل وله أن يستعمله في قطع عصمة النكاح وحل عقدته متى شاء.

وأما إخراجه لك من دارك فينظر فيه لنوع الطلاق، فإن كان قد طلقك طلاقاً بائناً فلا حرج عليه في إخراجك لأنك حينئذ لا تستحقين عليه نفقة ولا سكنى، لحديث فاطمة بنت قيس الذي سبق الكلام عنه في الفتوى رقم: 36248. إلا أن تكوني حاملاً فإنك حينئذ تستحقين النفقة والسكنى كما سبق بيان ذلك في الفتوى المحال عليها آنفاً.

أما إذا أوقع الطلاق رجعياً فإنك لا تخرجين من بيته، ولا يجوز له أن يخرجك إلى أن تنتهي عدتك، لقوله تعالى: ... لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ. {الطلاق:1}. فإن فعل فإنه آثم.

أما بخصوص جحده لمؤخر الصداق فإنه حرام وهو من أكل أموال الناس بالباطل، وقد بينا حكم ذلك في الفتوى رقم: 24276. وحلفه على ذلك كذباً كبيرة من أعظم الكبائر، وجزاؤها وبيل في الدنيا والآخرة، أما الآخرة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين مصبورة كاذباً متعمداً ليقتطع بها مال أخيه المسلم فليتبوأ مقعده من النار. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: من اقتطع حق أمرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة وإن كان قضيباً من أراك. رواه أحمد ومسلم وغيرهما.

وأما الدنيا فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البيهقي وصححه الألباني: وليس شيء أعجل عقاباً من البغي وقطيعة الرحم، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع.

جاء في شرح السنة للإمام البغوي: ومعناه: أن الله سبحانه وتعالى يفرق شمل الحالف، ويغير عليه ما أولاه من نعمه، وقيل: يفتقر ويذهب ما في بيته من المال. انتهى.

والأصل أن مؤخر الصداق حق ثابت في ذمته، ولا يستطيع أخذه هكذا بمجرد دعوى تنازلك عنه ولكن لا بد له من بينة ولا يكفيه في ذلك مجرد اليمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني