الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحديد المهر.. رؤية شرعية

السؤال

نسأل الله أن يجزيكم خيرا على هذا الجهد، وأن يكون في موازين أعمالكم الصالحة. سؤالي عن غلاء أجور الزواج والمهور: ألا يوجد في ديننا الإسلام ما يحدد الأجر والتكلفة ولو كنسبة معينة منعا للاستهتار، واستغلال ما أباحه الله تعالى ؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس في الإسلام ما يدل على تحديد المهر بقدر معين لا يجوز تجاوزه، وإن كان المستحب تيسيره وعدم المغالاة فيه. قال ابن قدامة في المغني: وأما أكثر الصداق, فلا توقيت فيه، بإجماع أهل العلم. قاله ابن عبد البر. وقد قال الله عز وجل: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا. {النساء: 20}. وروى أبو حفص بإسناده، أن عمر أصدق أم كلثوم ابنة علي أربعين ألفا. وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: خرجت وأنا أريد أن أنهى عن كثرة الصداق، فذكرت هذه الآية: وآتيتم إحداهن قنطارا . قال أبو صالح: القنطار مائة رطل. وقال أبو سعيد الخدري: ملء مسك ثور ذهبا، وعن مجاهد: سبعون ألف مثقال. انتهى

وقال الصنعاني في سبل السلام: وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الصداق أيسره. أي أسهله على الرجل. أخرجه أبو داود، وصححه الحاكم. فيه دلالة على استحباب تخفيف المهر، وأن غير الأيسر على خلاف ذلك، وإن كان جائزا كما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله: وآتيتم إحداهن قنطارا. وتقدم أن عمر نهى عن المغالاة في المهور فقالت امرأة: ليس ذلك إليك يا عمر، إن الله يقول: وآتيتم إحداهن قنطارا من ذهب. قال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته. أخرجه عبد الرزاق. انتهى.

ولاشك أن المغالاة في المهور تشتمل على كثير من المفاسد منها: انتشار العنوسة بين الجنسين، وإثقال كاهل الأسرة بديون يرزحون تحت وطأتها مدة طويلة، وقد يؤدي الأمر إلى انفصال عرى الزوجية بسبب ذلك، إلا أنه لا سبيل إلى تحديد ما أطلقه الشرع ولم يحدده، وقد ذكر بعض أهل العلم أن لولي أمر المسلمين أن يقيد المسائل المشروعة مراعاة للمصلحة، ولكن رجوع عمر رضي الله عنه عما هم بفعله من هذا الأمر مستدلا بالآية الكريمة يفيد أن هذه المسألة ليست من المباح الذي يمكن لولي الأمر أن يقيده.

وراجع المزيد في الفتويين رقم: 61385، 27264.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني