الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتهار البلاد بصفات معينة هل يلزم منه أن تعم كل من فيها

السؤال

يشتهر أهل كل منطقة أو بلد بعينها بصفات معينة، بينما كان رأي البعض أن هذه ليست قاعدة وأن بكل مكان يوجد الردئ و المحترم، وأنا لا أخالف في هذا الأمر، لكن توجد نصوص دينية في القرآن مثلا كالآية الكريمة التي فيما معنى نصها تقول: وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. وغيرها من صفات كان يختص بها أهل بلد. وأخرى بأحاديث نبوية وبالتأكيد أن لكل قاعدة شواذ، وإن كانت هذه البلد تشتهر بأمر سيء ليس ضروريا أن يكون كل من بها بنفس الدرجة، لكنها طباع متوارثة ومثل ما نقول: كل مكان فيه وفيه.
لكن بصفة عامة ما هو التفسير العام لهذه الفكرة وهل أنا مخطئ أم على صواب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما الآية التي استشهدت بها فلا يظهر لنا وجه تعلقها بما ورد في السؤال؛ فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا. {الحجرات:13}:

أي: ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته، وقال مجاهد في قوله عز وجل: لتعارفوا. كما يقال فلان بن فلان من كذا وكذا أي قبيلة كذا وكذا. وقال سفيان الثوري: كانت حمير ينتسبون إلى مخاليفها وكانت عرب الحجاز ينتسبون إلى قبائلها.

وعموما فأنت مصيب في أصل الفكرة؛ فهناك سمات غالبة على مناطق وطوائف بعينها في الجملة، وهذا يرجع لعوامل شتى ترتبط بالزمان والمكان، والمناخ والبيئة، والعادات والتقاليد وغير ذلك.

ففي صحيح البخاري و مسلم: أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم.

قال في تحفة الأحوذي:

هكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الإيمان. ثم المراد بذلك الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان فإن اللفظ لا يقتضيه.

وقال: إنما خص أهل الغنم بذلك لأنهم غالبا دون أهل الابل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء.

وقوله عليه الصلاة والسلام: رأس الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين، أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم متفق عليه الفدادون: الرعاة والجمالون.

قال في تحفة الأحوذي:

والكفر من قبل المشرق. إشارة إلى شدة كفر المجوس لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة، وكانوا في غاية القوة والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم واستمرت الفتن من قبل المشرق.

وقوله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا. قالوا: وفي نجدنا. قال: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا. قالوا: وفي نجدنا. قال: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان. رواه البخاري.

ونقل ابن حجر في فتح الباري قول البعض:

كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية فكان كما أخبر، وأول الفتن كان من قبل المشرق فكان ذلك سببا للفرقة بين المسلمين وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة.

وقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم. رواه مسلم

وهذا في الجملة، أما على مستوى الأفراد فلا، فهذا أبو لهب عم النبي عليه الصلاة والسلام، كان من صناديد الكفر، ونزلت فيه سورة من القرآن، ولذلك قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ. {الحجرات:13}.

وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 80437، 99154، 53423، 11456.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني