الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أين كان قوم عاد، وهل حقا هم من بنى الأهرامات، وهل إرم هي مدينة أم اسم شخص أم كما قرأت أنها هرم؟ ولكنها في الماضي كانت تنطق إرم وللتسهيل على اللسان نطقت حديثا هرم على العلم. إنى قرأت بحثا كاملا في هذا الموضوع أرجو الإفادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقوم عاد كانوا يسكنون الأحقاف، وهي تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية قرب حضرموت. ويبعد أن يكونوا هم الذين بنوا الأهرامات؛ لما قد سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 117703 .

وأما (إرم) فاختلف المفسرون فيها على أقوال: جاء في زاد المسير: وفي إرم أربعة أقوال:

أحدها: أنه اسم بلدة. قال الفراء: ولم يجرّ (إرم) لأنها اسم بلدة ثم فيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها دمشق. قاله سعيد بن المسيب وعكرمة وخالد الربعي. والثاني: الإسكندرية. قاله محمد بن كعب. والثالث: أنها مدينة صنعها شداد بن عاد. وهذا قول كعب...

والقول الثاني: أنه اسم أمة من الأمم، ومعناه: القديمة. قاله مجاهد.

والثالث: أنه قبيلة من قوم عاد. قاله قتادة ومقاتل. قال الزجاج: وإنما لم تنصرف (إرم) لأنها جعلت اسما للقبيلة ففتحت وهي في موضع خفض.

والرابع: أنه اسم لجد عاد؛ لأنه عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح. قاله ابن إسحاق. قال الفراء: فإن كان اسما لرجل على هذا القول فإنما ترك إجراؤه لأنه كالعجمي. قال أبو عبيدة: هما عادان فالأولى هي إرم، وهي التي قال الله تعالى {وأنه أهلك عادا الأولى} [النجم: 50] وهل قوم هود عاد الأولى أم لا فيه قولان." ا.هـ

ورجح الحافظ ابن كثير أنهم عاد الأولى، فقال عند تفسيره لقوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد} "وهؤلاء عاد الأولى وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح. قاله ابن إسحاق. وهم الذين بعث الله فيهم رسوله هودا عليه السلام...

فقوله تعالى : { إرم ذات العماد } عطف بيان زيادة تعريف بهم. ومن زعم أن المراد بقوله : { إرم ذات العماد } مدينة إما دمشق كما روي عن سعيد بن المسيب وعكرمة أو إسكندرية كما روي عن القرظي أو غيرهما ففيه نظر؛ فإنه كيف يلتئم الكلام على هذا { ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد } إن جعل ذلك بدلا أو عطف بيان فإنه لا يتسق الكلام حينئذ، ثم المراد إنما هو الإخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد وما أحل الله بهم من بأسه الذي لا يرد، لا أن المراد الإخبار عن مدينة أو إقليم.

وقال في موضع آخر من تفسيره: ومن زعم أن إرم مدينة، فإنما أخذ ذلك من الإسرائيليات من كلام كعب ووهب، وليس لذلك أصل أصيل، ولهذا قال { التي لم يخلق مثلها في البلاد } أي: لم يخلق مثل هذه القبيلة في قوتهم وشدتهم وجبروتهم، ولو كان المراد بذلك مدينة لقال : التي لم يبن مثلها في البلاد. ا.هـ

فعلى ذلك (إرم) اسم لجد قبيلة عاد صاحبة القصة المشهورة، وسميت بذلك نسبة إليه؛ لأنهم من نسله

أما القول بأن إرم أصل كلمة هرم، فلا نعلم أحدا قال به من أهل التفسير أو من أهل اللغة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني