الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء المسنون بعد الأذان والإقامة

السؤال

سؤالي هو: بعد أن يؤذن المؤذن أذان الإقامة ( في أي صلاة ) نسمع الإمام يقول ( اللهم رب هذه الدعوة التامة ثم يقول بعد ذلك استووا هدانا وهداكم الله - ويقول بعض المأمومين بعد هذه العبارة أثابنا وأثابكم الله - ، ويقول الإمام أيضا استووا ولا تختلفوا فتختلف وجوهكم ، حاذوا بين والمناكب سدوا الفرج والخلل ولا تدعوا فرجا للشيطان، وبعضهم يزيد صلوا صلاة مودع ، ويقول أيضا اللهم ارحم وقوفنا بين يديك ولا تخزنا يوم العرض عليك ، ثم بعد ذلك يكبر تكبيرة الإحرام فهل فيما سبق شيء مما ورد عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ، وهل يجوز الدعاء أو التذكير بتلك العبارات أو غيرها بعد إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما بالنسبة لقول الإمام: اللهم رب هذه الدعوة التامة بعد الإقامة فهو مشروعٌ للإمام وغيره ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة. رواه البخاري ، والإقامة أحد الأذانين ، ومن ثم نص كثيرٌ من العلماء على مشروعية هذا الذكر بعدها كما هو مشروعٌ بعد الأذان. قال ابن حجر المكي: لم أر من قال بندب الصلاة والسلام أول الإقامة وإنما الذي ذكره أئمتنا أنهما سنتان عقب الإقامة كالأذان، ثم بعدهما: اللهم رب هذه الدعوة التامة. انتهى.

وجاء في فتاوى اللجنة: وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سَمِعتُم المؤذِّن فقُولُوا مِثْلَ ما يَقُول. وهذا يعم الأذان والإقامة؛ لأن كلاً منهما يسمى أذاناً. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قول المقيم: (لا إله إلا الله) ويقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة... إلخ كما يقول بعد الأذان، ولا نعلم دليلاً يصح يدل على استحباب ذكر شيء من الأدعية بين انتهاء الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام سوى ما ذكر. انتهى.

وأما أمر الإمام بتسوية الصفوف بقوله :استووا ، ونحوها من العبارات، فهو مشروع وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، والأولى التزامُ ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم ، مثل قوله : استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم . رواه مسلم ، وقوله : استووا وتراصوا.أخرجه أحمد.

وعلى الإمام أن يأمر بما يقتضيه الحال تحقيقاً لمصلحة تسوية الصف. قال الشيخ العثيمين: يقول ما يناسب الحال إذا رآهم لم يستووا قال: استووا، وإذا رآهم لم يتراصوا قال: تراصوا، وإذا رآهم لم يكملوا الصف الأول فالأول قال: أكملوا الصف الأول فالأول؛ لأن هذا القول ليس متعبداً به بذاته، ولكنه يقال إذا دعت الحاجة إليه. انتهى.

وأما قول الإمام: صلوا صلاة مودع، فقد بينا حكمه، وأنه لا بأس به، لكن لا تشرع المواظبة عليه. وانظر الفتوى رقم: 20594. وكذا دعاؤه : اللهم ارحم وقوفنا بين يديك ..إلخ، فليس ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تشرع المواظبة عليه، وانظر الفتوى رقم: 43753. وكذا قول الإمام : هداكم الله ، وجواب المأمومين له : أثابنا وأثابكم الله ، فلا نعلم له أصلاً في السنة ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن ثمّ فالأولى ترك هذا ، والاقتصار على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال الله عز وجل : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {آل عمران :31}.

قال ابن قدامة في المغني: قيل لأحمد: قبل التكبير يقول شيئا ؟ قال : لا، يعني ليس قبله دعاء مسنون إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولأن الدعاء يكون بعد العبادة لقول الله تعالى : {فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب} انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني