الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للزوج إجبار زوجته على النقاب إذا شرطه عليها للزواج

السؤال

أنا شخص ملتزم والحمد لله، تزوجت من امرأة وقد اشترطت عليها النقاب بشكل شفهي، وتمت الموافقة على ذلك الشرط على أساس أني أتركها لقناعتها فترة، لاحظت العديد من القصور من ناحية الاحتكاك بالأهل الأجانب وعدم الدقة في الحجاب نفسه، ولا أجد عندها أي رغبة في التنقيب مطلقا. فهل لي أن أجبرها على النقاب؟ وفي حال لم تستجب هل لو طلقتها وأثبت ذلك الشرط يكون هذا السبب لصالحي. علما بأنها حامل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ستر الوجه والكفين واجب على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد بينا هذا بالدليل في الفتوى رقم: 4470.

إضافة إلى أن جمهور من قال بجواز كشفهما قد أفتى بوجوب الستر عند خوف الفتنة بالمرأة أو عليها، وعلى هذا يمكن أن يقال إن فقهاء المذاهب الأربعة متفقون على وجوب ستر وجه المرأة عند خوف الفتنة وفساد الزمن. هذا على سبيل العموم.

فإذا انضم إلى ذلك كون المرأة زوجة يأمرها زوجها بالنقاب فقد تأكد الأمر حينئذ؛ لأن الزوجة لا يسعها ترك النقاب إذا أمرها زوجها به، على ما بيناه في الفتويين رقم: 97067، 113811 .

فإذا زاد على ذلك اشتراط النقاب عليها عند العقد فقد تأكد في حقها النقاب أيما تأكد، وصار واجبا عليها من ثلاث جهات: من جهة كونه أمرا من عند الله، ثم من جهة أمر زوجها لها به، ثم من جهة اشتراطه عليها في العقد. وهذا الشرط يجب الوفاء به.

وعلى ذلك فإنه يجوز لك أن تجبرها على لبس النقاب، ولا يجوز لها أن تؤجل ذلك بحجة أن الشرط قد تم على أساس إمهالها بعض الوقت، لأن هذا الإمهال وإن ساغ من ناحية الشرط فإنه غير سائغ شرعا، ومعلوم أن الشرط إذا كان مخالفا لحكم الله فهو لغو ولا يجوز الاعتداد به؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط. رواه الطبراني والبزار. وصححه الألباني.

وهذا الشرط بتأجيل النقاب مخالف للمبادرة إلى العمل بما تبين من أدلة وجوب النقاب المشار إليها في الفتوى رقم: 4470.

اللهم إلا إذا كان تركها للنقاب من باب تقليد بعض أهل العلم القائلين بعدم وجوبه، ولم يكن بدافع الهوى والتشهي، فعند ذلك يجب عليك إمهالها على ما تم اشتراطه، ولا يجوز لك أن تجبرها على ذلك حتى ينتهي أمد هذه المهلة التي وقع عليها الشرط في العقد إن كانت مؤقتة، فإن لم تكن مؤقتة فإنه يرجع في توقيتها للعرف، فإذا انقضت مدة يحكم العرف بأنها كافية للنظر والتروي، فعند ذلك يجوز لك أن تجبرها على لبسه، فإن امتنعت عنه فهي ناشز، فيسلك معها الخطوات الشرعية في علاج النشوز، والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 119105 .

فإن أصرت على امتناعها فيجوز لك حينئذ أن تطلقها، أو تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 76251

و كونها حاملا لا يؤثر في شيء مما ذكرنا سواء في الطلاق أو الخلع.

أما قولك إن هذا يكون في صالحك فلسنا ندري مقصودك منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني