الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل فيمن أخر إخراج الزكاة

السؤال

أنا لم أخرج الزكاة عن المحل التجاري الذي أملكه، و ذلك طيلة أربع سنوات لجهل و تقصير مني، وأنا الآن أشعر بندم شديد لذلك وأريد أن أكفر عن ذنبي، ولقد قرأت في فتوى سابقة عن موضوع مشابه يطالب فيها من قصر في إخراج الزكاة بالرجوع إلى حسابات آخر كل سنة سابقة وإخراج الزكاة على أساس هذه الحسابات، لكني أجد نفسي عاجزة عن القيام بهذه الحسابات بحكم أني أحيانا أقوم بشراء بضاعة بدون فاتورة أو وصل حسب نوعية البضاعة، و أيضا لا أقوم دائما بتسجيل المداخيل والمصاريف طيلة السنة، فكيف لي أن أحسب قيمة الزكاة خلال السنوات الماضية؟ و هل يجوز لي دفعها بالتقسيط على مدى أشهر السنة إذا لم أقدر على إخراجها دفعة واحدة؟ وهل يشترط أن أخرجها في وقت معين؟ و إذا كان كذلك فمتى يجوز إخراج هذه الزكاة؟ و هل يجوز أن أدفع قيمة الزكاة عن المحل من مالي غير الذي أجنيه من المحل؟ أرجو منكم الإفادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة وتداركك برحمته، فإن منع الزكاة من أكبر الذنوب وأعظم الموبقات، وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا أحميت يوم القيامة فجعلت صفائح من نار فكوي بها جنبه وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. أخرجه مسلم.

وتأخير الزكاة بعد وجوبها من غير عذر من المحرمات، وانظري الفتوى رقم: 121174.

ثم اعلمي أن الواجب عليك بعد إذ من الله عليك بالتوبة أن تحسبي ما لزمك من الزكاة التي تركت أداءها في الأعوام الماضية ثم تخرجين جميع ذلك، فإن الزكاة ومنها زكاة عروض التجارة لا تسقط بالتقادم بل هي دين في الذمة فلا تبرئين إلا بأداءها كما قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.

فإن عجزت عن الوصول إلى اليقين في ذلك فاعملي بالتحري واجتهدي في مراجعة الحسابات ومحاولة تذكر ما لزمك، ثم أخرجي ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، فإن هذا هو ما تقدرين عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظري الفتوى رقم: 16744.

وأما إخراجك ما لزمك من الزكاة على أقساط فالأصل عدم جوازه، وأنه يجب عليك المبادرة بإخراج ما لزمك من الحق إلا إن كان لك عذر في التأخير كأن لم يكن عندك من المال ما تخرجين به الزكاة فتؤخرين إخراجها حتى يتيسر المال ثم تبادرين بإخراجها متى توفر لك المال، فحينئذ لا يحرم التأخير لأن هذا عذر، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن:16} وانظري الفتوى رقم: 20116.

وأما سؤالك عن الوقت الذي تخرجين فيه الزكاة فقد عرفت جوابه ممّا سبق، وأنه يلزمك المبادرة بأداء الحق لمستحقه عند القدرة عليه وليس لذلك وقت محدد، ولا يلزمك أن تخرجي زكاة عروض التجارة من نفس ربح المحل، ويجوز لك إخراجها من غيره من المال الذي تملكينه .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني