الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تسويق بطاقات الفيزا

السؤال

وجدت عملا فى بنك سيتي بنك، وهذا البنك معروف فى العالم كله، والذى جاء لي بالعمل به هو مندوب على كروت الفيزا، والفيزا التي أشتغل بها للأشخاص ذوي القدرة المعيشية العالية، أصحاب الطبقة العليا، وميزة الكارت أنها كروت مشتريات والعميل لا يدفع في أول الأمر أي مبلغ لشراء الكارت إلا أن يكون له حساب أو يكون مرتبه عاليا، والحد الأقصى الذى يوجد فى الكارت 9000 جنيه مصري، وإذا اشترى منه بأى قيمة فيجب علية السداد فى خلال فترة وهي 50 يوما، وإذا سدد فى هذه الفترة لايكون عليه فوائد إنما إذا لم يسددها في هذه الفترة فيتصل بخدمة عملاء البنك ويقول لهم أريد أن أسدد على 6 شهور، أو 36 شهرا، وطبعا توجد فائدة على الألف جنيه 96 جنيه، وهذا الكارت معمول للمشتريات فقط، وأنا كل المطلوب مني أن أشتغل وأذهب لأصحاب الشركات الكبرى لكي أقول لهم عن هذه المميزات، فان وافقوا بها فيتم حصولهم على الفيزا، وإذا لم يوافقوا فشيء عادي، وأنا فى موضع حيرة يا شيخنا ولا أعرف ماذا أفعل؟ مع أن الأهل:أمي، وإخوتي، وكل أصحابي يقولون لي اشتغل فهل يجد أحد الآن عملا، إضافة إلى ذلك يقولون لي هل يجد أحد عملا في بنك ولا يأخذه، أنا بقيت مشتتا ولا أريد أن أعمل شيئا يغضب ربنا، ورزقى من المال الذي سآخذه لن يكون مباركا، مع أن كل واحد يسمع يقول لي أنت ستدور طول النهار على الشركات للحصول على فيزا من عميل، وسوف يكون في ذلك صرف شديد على نفسك، وانت لا تفعل شيئا غلطا، أنت لا تأخد ربا من أحد ولا تضرب أحد على يده ليأخد منك الفيزا، أنت تعمل تأخذ حق عملك في الدوران، وأنت تعلم فضيلتكم بكثرة الكلام في هذه المواضيع، وأنا بقيت فى موضع حيرة، ولا أعرف ما أفعل عمل جيد ومرتب ممتاز، ووظيفة موجودة. أحسن من هذا لا يوجد أبدا،أمي تقول لي خليك فيها حتى تجد الأحسن، أنا الصراحة لا أعرف ماذا أعمل؟ أنا من مصر وعند ما أقول هذا الكلام لأحد يقول لي: وأي في هذا الوقت ليس حراما؟ كله غير مضمون في هذا البلد، ولا أحد يعرف المصدر يأتي من أين فى أي عمل سواء بنك أو شغل في أي مكان آخر فيممكن أن يكون المكان الثاني حلالا من وجهة نظر كل الناس إنما من الباطن المال يمكن أن يكون من حرام! وحتى أصحاب الشركات الكبرى يأخذون قروضا للسيولة في شركاتهم! الصراحة أصبحنا في دنيا لا نعرف الصحيح من الخطإ، وأصبحنا في تشتت كبير وأنا الحمد لله أحاول على قد ما أقدر أن أتمسك بديني وعدم إغضاب الله علي، فآمل أن ألاقي الجواب عند حضرتكم، ربنا يعينني فساعدوني أرجوكم أنا متحير جدا، والضغط علي شديد من البيت ومن الأصحاب لكي أعمل وأستمر إلى أن أجد عملا جيدا؟ أرجو منكم قراءة الرسالة للآخر والإجابة عليها بالكامل؟ أرجو أن يأخذ الموضوع الاهتمام وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكروت الفيزا المذكورة لا يجوز التعامل بها ولا الإعانة على بيعها لاشتمالها على محظورين شرعيين:

الأول: التوقيع على عقد يحتوي على شرط ربوي، وهو دفع فائدة عند التأخر في السداد عن المدة المتاحة، وهذا العقد محرم، ولو كان في عزم الإنسان ونيته ألا يتأخر عن السداد.

الثاني: الوقوع في الربا فعلا، فقد يتأخر الإنسان عن السداد فيقع في الربا.

ويمكنك مراجعة حكم بطاقة الفيزا وأنواعها، وما يباح منها وما يحرم مع ذكر ضوابط استخدامها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية : 665، 2834، 6275، 19728، 118438.

وعليه، فالعمل في تسويق هذه الكروت لا يجوز لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة: 2}.

وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء.

قال المناوي عن الكاتب والشاهد: واستحقاقهما اللعن من حيث رضاهما به وإعانتهما عليه.

وراجع لمزيد البيان فتوانا رقم : 121861. وما أحيل عليه فيها.

فلا يجوز لك الالتحاق بهذا العمل، ولا تلفت إلى كلام من ذكرتهم في سؤالك، فإن أكل الحرام له عظيم الضرر على دين المرء ودنياه، كما أن كثرة الحرام وانتشاره لا تبرر العمل فيما هو محرم بل يجب على المسلم أن يجتهد في البحث عن السبيل الحلال ليكسب رزقه، وما زالت الأعمال والوظائف المباحة موجودة بحمد الله تعالى، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله تعالى يقول: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ. {الطلاق: 2-3}. وروى ابن حبان عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ الِلَّهِ عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ الِلَّهِ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ.

نسأل الله تعالى أن يغنيك بحلاله عن حرامه، وأن يثبتنا وإياك على دينه وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني