الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يختلف حكم التحلل من اليمين باختلاف المحلوف عليه

السؤال

إذا حلفت بالله ثم تراجعت عن الحلف، وأريد أن أصوم ثلاثة أيام، هل يصح الصوم على أيام متفاوتة أم يجب الصيام ثلاثة أيام متتالية، ولو سأدفع فلوسا فكم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى حكم الرجوع عن اليمين، وأنه ينبني على حكم الأمر المحلوف عليه أو عنه.

فإن كانت اليمين على ترك محرم أو فعل واجب، فحنثك فيها محرم، وإن كانت على مكروهٍ أو مستحب فحنثك فيها مكروه، وإن كانت على شيء مباح فالحنثُ فيها مباح، وإن كانت على فعل مكروه أو ترك مستحب فالحنثُ فيها مستحب، وإن كانت على فعل حرام أو ترك واجب فحنثك فيها واجب، قال ابن قدامة في المغني:

ومتى كانت اليمين على فعل واجب أو ترك محرم كان حلها محرما؛ لأن حلها بفعل المحرم وهو محرم، وإن كانت على فعل مندوب أو ترك مكروه فحلها مكروه. وإن كانت على فعل مباح فحلها مباح، وإن كانت على فعل مكروه أو ترك مندوب فحلها مندوب إليه. فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك. وقال النبي صلى الله عليه و سلم : إني والله إن شاء لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها. وإن كانت اليمين على فعل محرم أو ترك واجب فحلها واجب؛ لأن حلها بفعل الواجب وفعل الواجب. انتهى بتصرف.

والحنثُ في اليمين إذا رأيت غيرها خيرا منها لا بأس به كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 96924 .

فإذا حنثت في هذه اليمين، فالواجب عليك الكفارة، وهي على التخيير بين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من طعام أو كسوتهم ، فإن عجزت عن هذه الثلاثة انتقلت إلى الصيام ، ولا يجزئك الصيام مع قدرتك على أحدها لقوله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}

ولا يجوزُ لك دفع القيمة في كفارة اليمين عند الجمهور، بل لا بد من فعل ما نص الله عليه من الإطعام أو الكسوة ، وانظر الفتوى رقم: 102924.

وإذا كفرت بالصيام، حيثُ جاز التكفير به، فهل من شرطه التتابع أو لا، في ذلك خلاف بين أهل العلم، فذهب الشافعية والمالكية إلى عدم اشتراط التتابع، واشترطه الأحناف والحنابلة لقراءة ابن مسعود : { فصيام ثلاثة أيام متتابعات} وهي وإن كانت قراءة شاذة ، فإنه يُحتجُ بها في الأحكام، وتكون بمنزلة حديث الآحاد.

ومن لم يجز الاحتجاج بالقراءة الشاذة أصلا لم ير اشتراط التتابع، ولا شك في أن كونها متتابعة أحوط، وانظر الفتوى رقم: 50926.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني